السبت، 30 جويلية 2011

وقيت باش نقول رأيي ...


ما لم يفهمه كثير من نخبنا ومناضلينا ان انتخابات المجلس التاسيسي ليس خيارا حزبيا او سياسيا لتيار بعينه بل هو خيار اساسي للشعب التونسي الذي انجز عملا بطوليا وصار حدث 14 جانفي ملكية تاريخية لشعب تونس نسجت على منواله شعوبا اخرى...وهذه حقيقة..والذين يقرؤون التاريخ بعين نصف مفتوحة لايرون هذه الحقيقة للاسف...بل يقيسون الحدث على معايير فكرهم ويقولبونه وفق احداث ماضية وكانهم لا يعيشون الحدث او لم يشاركوا في الثورة ؟؟؟؟ اعلم ان اغلبهم شارك في اضراب 14 جانفي واعتصام القصبة 1 و 2 لكنهم عاشوه بفكر انغلق على نصوص وجب تحيينها وفق منهج مادي علمي يجعل من الحدث ليس مجرد اخبار بل فعل /براكسيس نفهم الاني فيه والاسترتيجي ...فكيف يتهم اغلب الشعب التونسي ومناضليه بالسعي الى البرلمانية ؟؟؟وكيف ننجز مبادىء ثورتنا ان لم نبدا ببرلمان وطني وديمقراطي شعبي حقيقي؟؟وكيف نميز في البرلمان بين المشروع الحداثي والمشروع السلفي ؟؟وكيف نميز داخل البرلمان بين اعداء الشعب الحقيقيين والوهميين ؟؟؟ هل سنرمي بالاصلاحية كل من ينادي بمجلس تاسيسي لجمهورية نريدها ديمقرطية شعبية حداثية ؟؟ الم تكن تلك مطالب شباب القصبة 1 و 2 ؟؟ ان ما انجزته الهيئة العليا المستقلة للانتخابات رغم نواقصه جيد جدا ورغم محاولات تثبيط عزائمها من اطراف لم يعد يخفى على احد اجنداتها السياسية الا انها نجحت في ارساء قانون انتخابي توافقي جيد؟؟وان كانت عبارة توافق لا تعجب كثيرا اصدقائنا الانتقاديون؟؟ولكن لنمضي الى الامام لم يعد مجال الان للعودة وكل محاولة تراخي او عرقلة باي عنوان كان هي اسهام في الثورة المضادة ....
كيف نستطيع ان نفعّل التسجيل في القوائم ولم يعد من المدة الا قليلها؟؟؟والحلول كثيرة على الهيئة ان تأخذ بها سواء الاتصال المباشر بالمواطن او التسجيل عن طريق الارساليات القصيرة او الانترنت او عبر برنامج متلفز متواصل على شاكلة تليطون او اعتماد قاعدة بيانات القوائم القديمة وتحيينها في كل مركز انتخابي عبر من انتخبته الهيئة العليا والامثلة كثيرة ...لا اعتقد انه ثمة مشكل بالنسبة للتسجيل ولزمن التسجيل فهذا امر نسبي وبالامكان تمديده كيفما شئنا ...
ان الاهم من ذلك في اعتقادي انصراف النخبة السياسية المناضلة والحداثية الى الاتصال بالجماهير وتقديم برامجهم وتوحيد تصوراتهم لان هذه النخب باعتقادي هي التي تملك البديل ...والتي ليس لها ما تتوجه به الى الناس سوى ما ثبتت عليه من مبادئ الدفاع عن حقوق الناس والانحياز الفعلي للجماهير لا يصنعه المال السياسي فالتونسيون لهم من الوعي ما يجعلهم في حصانة عن شراء الذمم ؟؟؟؟؟ والا ما معنى ان يتقدم حزب سياسي ببرامج يشهرها على جرائده عن قوافل طبية في القرى والارياف النائية اليس هذا ما كان يفعله التجمع لاسكات المطالبين بخارطة صحية جهوية عادلة ؟؟او بزواج جماعي او اسكات العاطلين بمنح ورواتب لاتتجاوز 200 د الم يكن التجمع يفعل ذلك لصرف انظار الناس عن التنمية العادلة وغلاء المعيشة ؟؟ وقد نسمع قريبا عن موائد افطار وهدايا العيد وخروف الاضحى والتضامن مع الأُسر الفقيرة بمناسبة العودة المدرسية ووو؟؟؟
هذه حلول ترقيعية مجها المجتمع التونسي وصار يعرف انها شراء ذمة ولم تعد ذممنا للبيع او المبادلة ؟؟؟
نطالب الاحزاب ببرامج حقيقية ؟؟؟ فالبرلمان الحقيقي هو الشعب؟؟ومن يمثل الشعب ومطالب الشعب وحده له الحق ان يكون في المجلس التاسيسي ..







الخميس، 5 ماي 2011

من حرية التفكير الى حربة التكفير


شهدت معاهد تونس و كلياتها و شوارعها، منذ فترة تناميا عجيبا لأصوات تكفير للأساتذة و تدخل سافر في حريات الأفراد الشخصية: من ملبس و مشرب.... خرج من "كتب التاريخ" جنس من بشر خلنا أنهم قد اختفوا منذ زمان من هذه البلاد الطيبة. لقد أحيت ثورة تونس "ثورة الحرية" آمالا عذابا، و أوقدت شعلة متوهجة و فتحت أمام شعب تونس، و نخبه و مناضليه بابا مشرعا على الحرية. لقد راكم شعب تونس تاريخا من المكتسبات-على محدوديتها- جعله من أكثر الشعوب تعلما، و تحررا ذهنيا و سلوكيا. ففي التعليم، عرفت بلادنا منذ نهاية القرن التاسع عشر، فصلا بين التعليم "العصري" و التعليم التقليدي، بل إن طلبة الزيتونة رغم الطابع المحافظ الغالب عندهم، ناضلوا في جمعية صوت الطالب الزيتوني، من أجل إصلاح التعليم فيها، و تحديثه، و ليس عجيبا و الحال تلك، أن يكون من الزيتونيين رموز الإصلاح الديني و الاجتماعي و أهم الطاهر الحداد. و تكرس هذا الانحياز، لقيم الحداثة، في مدرسة ما بعد 1956، فعلى ما كان فيها من نقائص، تمكنت المدرسة التونسية عكس كل نظيراتها العربية،من أن تفرز جيلا مثقفا متفتحا على قيم الحداثة و التقدم، و صار الاهتمام بمنجزات العلوم الإنسانية و مناهجها النقدية الوضعية أمرا شائعا عند أبسط التلاميذ و الطلاب فما بالك بالأساتذة و الباحثين. و قد حاضر في جامعاتنا أبرز الأساتذة في الفلسفة و علوم الاجتماع و الإنسانيات و الحضارة و الأدب من أمثال: ميشال فوكو، و عزيز العظمة و نصر حامد أبوزيد و محمد أركون و عابد الجابري.... و ألقى فيها الشعراء قصائد التمرد و الثورة و الحب و الجنون كمحمود درويش و مظفر النواب و سميح القاسم.

في هذه اللحظة، التي انخرط فيها شعب تونس في الحداثة السياسية، و في ما بعد الحداثة الفلسفية، كان أشقاؤه العرب يتجادلون حول جنس الملائكة و إرضاع الكبير و أهلية المرأة في قيادة السيارة و تحريم "ميكي ماوس". غير أن الحال بدأ في الانحدار نحو لحظة تبدو مرعبة، إذ هي تهدد كل ما بني.

شهدت مدن تونس منذ مدة، حملة شرسة على بعض الأساتذة، الظاهر غيرة على الدين و عزة رسوله، و الباطن إحياء لمحاكم التفتيش. ومن الجهل ما يصيب بالعلة. لقد راهن بن علي على التجهيل و الاستبداد و هما يفرزان التعصب. فقد نمت منذ مدة ثقافة الاستماع و الإنصات، ووفدت على بيوتنا عبر شاشات التلفاز قيم "الإسلام النفطي الوهابي" الذي خلق ضربا من "سلفية" يتيمة متنكرة لأصول الذهنية الحداثية للمدرسة التونسية, لم تعد مرجعيات الجدل الفكر بالفكر و الحجة بالحجة و العقل بالعقل، بل صار التقويم الاخلاقوي هو الأساس، و أضحى الخبر المحرف من تلميذ لا يحسن الإصغاء حجة في يد من لم يقرأ كتابا أصلا، على قائله. فأهدرت دماء و أقيمت الخطب من أيمة طالما تغنوا بفضائل "السيد الرئيس" و أفتى "علماء الزيتونة و مشايخها" و هم الذين كانوا على موائد حامي الحمى و الدين و عتبات دور التجمع في مسامرات ليلية مدفوعة "الأجرين"، بضرورة الانتصار لام المؤمنين. و خرج قوم من جهالة الكتابة الى شوارع تونس في مسيرات، يتمنطقون السيوف في غزوة جديدة لكفار الحداثة.

إن ما يحصل مبك و مضحك في آن، مبك لأن الحرية التي ثار الناس من أجلها، كل لا يتجزأ: هي حرية تنظم و حرية تظاهر و تجمهر و اعتصام، حرية المطالبة بالحقوق الاجتماعية و النقابية و السياسية، حرية إعلام و صحافة، و لكنها قبل كل هذا حرية التفكير و التعبير. و قداسة الفكر الحر لا يجب المساس بها، و لا تركها أمرا مشاعا يستبد به من له، بدل قوة المنطق منطق العضلات و الصراخ و العنف. من بنزرت الى منوبة الى واد الليل الى قابس مرورا بشوارع المدن و الأرياف التونسية، من الأساتذة و الفنانين و الجامعيين و الصحافيين، من يسار الثورة الى ثقافة اليسار التقدمي و النقدي، جاءت الشهادات الحية على هذا المنطق الجديد. باسم "الدين الحق" و نصرة "المقدسات" ضجت الساحة، في عملية إعادة إنتاج رديئة لطقس سيادي محبب عند "العامة". المختلف "زنديق و مهرطق و مرتد" و سرعان ما تصدر الفتاوى ممن لم يقرأ في حياته فتوى، لتأكيد حكم المرتد و إقامة القصاص. إنها لحظة سريالية بامتياز مضحكة لأنها محلاة بالسواد.

و مما يزيد المشهد سحرا، إن لغة التكفير هذه، تتخذ في الصف المقابل زيا بائسا جديدا، فقد عادت الى معجم اليسار بدائل" التكفير الأحمر" و تمت إعادة الحياة الى أرثدوكسية يسراوية طفولية مقيتة، فبداعي النقاء الثوري و التمسك "بالسلف الثوري" عاد بعض من اليسار الى "التحريفية و أعداء الشعب و الطبقة العاملة" و انتصبت محاكم "الثورة و الكتب المحنطة" في المقاهي و على أرصفة الشوارع، تحتسي مع المشروبات الكسلى أعراض السياسيين و المثقفين و الصحفيين.

إنها لحظة ردة بامتياز. ردة عن أهداف الثورة. لحظة تهيمن فيها السلفية البائسة يمينا و يسارا، يصار فيها الى خنق حرية التفكير و الإبداع و الكلمة. سلفية يتيمة و مغتربة، يرمي أصحابها بقراءة شكلانية لنصوص مبدعة في التفكير، التفكير ذاته في غياهب المصادرة. و هي لحظة تحتم على الجميع، على أصحاب الفكر الحر و النقدي التصدي لهذه السلوكات و الممارسات الخطيرة، و من ثمة يصبح العقد الجمهوري الناظم للحياة السياسية و الفكرية أمرا ضروريا، و إني لا أحلم عندما أقول إن تكوين الجبهة الديمقراطية الواسعة، التي تضم كل أنصار الحرية و التقدم و قيم الحداثة و التنوير، إن لم تكن ضرورة سياسية، فهي ضرورة ثقافية بل حياتية.

المهدي عبد الجواد - أستاذ و باحث جامعي

الثلاثاء، 15 مارس 2011

"الأساتذة المطرودون لأسباب نقابية" سابقا : بيان إلى الرأي العام


"الأساتذة المطرودون لأسباب نقابية" سابقا :
بيان إلى الرأي العام

أخيرا، وبعد 3 سنوات ونصف من الطرد التعسفي، تمكنّا نحن -الأساتذة المطرودون عمدا لأسباب نقابية- من العودة المظفرة إلى سالف عملنا، هذه العودة التي كانت أحد ثمار ثورة شعبنا التي ننحني إجلالا لشهدائها البررة الذين لولاهم لما تمكن الشعب من نيل حريته وكرامته بعد عقود من الدكتاتورية والعسف والقهر. إن الثورة التونسية المظفرة أكدت أن إرادة الشعوب لا تقهر وهو ما أثبته شعبنا الصامد في كل جهات تونس ومدنها وأريافها، وأيضا في عديد الأماكن في وطننا العربي الذي نحيّي انتفاضاته في مصر وليبيا واليمن والبحرين والمغرب وعمان والجزائر..

إننا إذ نعود اليوم للعمل، نعود لتلاميذنا وزملائنا ومعاهدنا، ونسترجع حقا سلبته منا أجهزة الدكتاتورية، فإننا نؤكد للجميع أن ذلك ما كان ممكنا لولا الالتزام الحازم لقطاعنا المناضل وفي مقدمته نقابتنا العامة التي لم تدّخر جهدا من أجل إحقاق حقنا، فلها ولكل النقابات الجهوية والأساسية وكل أساتذة تونس كل التحايا والتقدير، نفس التحية نسوقها للقطاعات والهياكل النقابية التي ساندت قضيتنا منذ اليوم الأول لطردنا ونخص بالذكر نقابات التعليم الأساسي والصناديق الاجتماعية وأطباء الصحة العمومية والبريد والاتصالات والصحة والتعليم العالي ومتفقدي التعليم الثانوي والمالية، وكل هياكل الاتحاد العام التونسي للشغل، الاتحادات الجهوية والمحلية التي أطرت تحركات المساندة خاصة بمناسبة الإضراب عن الطعام الذي خضناه طيلة 39 يوما من 20 نوفمبر إلى 28ديسمبر 2007 بمقر نقابتنا العامة وبتأطير منها، وبالمناسبة نحيّي الإطار الطبي وشبه الطبي الذي أشرف على متابعة وضعنا الصحي وفي مقدمته الدكتور سامي السويحلي والممرض زهير نصري.

إن الطرد من العمل الذي طالنا بسبب التزامنا النقابي وانخراطنا في معارك قطاعنا وخاصة إضراب 11 أفريل 2007، فضلا عن ماضينا النضالي صلب الاتحاد العام لطلبة تونس ومواقفنا السياسية المعارضة للدكتاتورية.

نفس التحية نسوقها إلى كل فعاليات المجتمع المدني والسياسي المحلي والدولي الذي ساند قضيتنا ورفض الاضطهاد الذي تعرضنا إليه، ونخص بالذكر الرابطة التونسية للدفاع عن حقوق الإنسان والاتحاد العام لطلبة تونس والهيئة الوطنية للمحامين وجمعية مقاومة التعذيب ومنظمة حرية وإنصاف وجمعية النساء الديمقراطيات... وكل أحزاب المعارضة الجدية وصحفها ووسائل الإعلام الحرة وفي مقدمتها "قناة الحوار التونسي "التي نثمن عاليا الجهد الممتاز الذي بذلته من أجل العريف بقضيتنا منذ اليوم الأول لطردنا وخلال إضراب الجوع وإثره.

نحيي كذلك اللجان التي تكونت للدفاع عنا ومنها اللجنة الدولية التي كونها في باريس رفاقنا المناضلون السابقون بالاتحاد العام لطلبة تونس واللجنة الوطنية التي نسّق أعمالها المناضل والزميل عبد الرحمان الهذيلي.

ولا يفوتنا أن نعترف بالجميل لمن شد أزرنا في اللحظات العصيبة خاصة في إضراب الجوع الذي ما كان له أن يستمر لولا الدور المحوري الذي لعبته تلك المرأة الكادحة (أمي حبيبة) التي يعرفها النقابيون ويعرفون دورها أيام المحن التي عرفتها الحركة النقابية التونسية، لهؤلاء جميعا ولمن لم نذكرهم كل التحية والتقدير، وإننا سنبقى ما حيينا حافظين للجميل وللعهد، فلولا هؤلاء ما انتصرت قضيتنا وما استعدنا حقنا.

* عاش نضال أساتذة تونس.
*عاشت ثورة الشعب التونسي.

تونس في 14 مارس 2011
الأساتذة المطرودون لأسباب نقابية" سابقا

- معز الزغلامي
- محمد المومني -علي الجلولي


-------
ملاحظة : اذ نورد هذا البيان الذي انتظرناه طويلا فاننا نبارك للاخوة المناضلين عودتهم لسالف عملهم بفضل الثورة المباركة ثورة الحرية والكرامة التي قدم من اجلها خيرة شبابنا دمهم في سبيل هذه اللحظة الرائعة ..ونقول اننا كنا من السباقين على صفحات هذه المدونة الذين امنوا برسالتهم و كنا احد الذين عرفوا بقضيتهم للراي العام الوطني والدولي من خلال متابعة يومية وحينية لمستجدات اوضاعهم الصحية والمعنوية و هو ما بسببه تعرضت هذه المدونة للحجب 3 مرات ثم كان انقطاعها بعد ذلك واحتجابها عن الظهور ...حتى كانت عودتهم للعمل ..حافزا معنويا مهما جدا لنا لقرار عودة المدونة وكتبنا ذلك في ابانه ..ولكم العودة الى ارشيفنا وستجدون ما تم توثيقه عن الاضراب يوما بيوم حتى احتجابها وصنصرتها....
الى الامام ...معا نصنع غد الحرية الافضل ...

الأحد، 13 مارس 2011

من احراجات الثورة ؟؟؟


في ندوة مارث عن الثورة والتي قدمها نادي البديل الثقافي الذي نشأ من ايام تحت لواء اتحاد الشغل بمارث قدم احد المتدخلين صديق وزميل مداخلة عن الثورة وصناعة الاحراج تطرق فيه الى جملة احراجات مثل احراج التسمية ان كانت ثورة ام انتفاضة ؟ واحراج الشرعية والقانونية ؟ واحراج الجمهرة والحشد كما سماها؟؟وغيرها من الاحراجات التي وضعت جملة من الاسئلة ما زالت الثورة لم تجب عنها ان اعتبرناها ثورة وان اتفقنا في التسمية ؟؟ وان كان صديقي عبد السلام الدحماني قد عمد الى مقارنة الثورة السياسية بالثورة العلمية من خلال تعريف توماس كوهن في بنية الثورات العلمية وهو رغم طرافته لا يخلو من مزالق .فالاحرى باعتقادي السؤال عن التعريف ان كانت ثورة ام انتفاضة والفرق بين التسميتين ...فالانتفاضة تكون عفوية شعبوية ذات بعد مطلبي اجتماعي اصلاحي( كما الحال في انتفاضات 78 و84 في تونس و77 في مصر والحوض المنجمي ..)و ان تبنت مطالب سياسية فهي تقف عند السقف الادنى (كما الحال في الانتفاضة الفلسطينية)... اما الثورة فهي تعني عملية تغيير شامل ذات اهداف سياسية بامتياز تقف ورائها حالة وعي تنظيمي وسياسي من ذات تنظيمية ...تعتمد اسلوب العنف الثوري في الغالب كما ينظر لذلك الماركسيون او حتى بعض اطياف الفكر الاسلامي ...لكن ما رايناه في تونس كان مجرد رد فعل من مواطن مظلوم على حقه في الشغل تحولت الى هبة شعبية اجتماعية ( التشغيل استحقاق يا عصابة السراق؟؟) الى انتفاضة شعبية ذات بعد سياسي (حريات حريات لا رئاسة مدى الحياة .dégage يا خماج.. ) الى ثورة شعبية سلمية مليونية بهدف سياسي واضح (الشعب يريد اسقاط النظام)؟؟..فثورة تونس لم تكن عنيفة ولا تتبنى العنف الثوري ولم تتبنى نظرية الشعب المسلح و لاحرب عصابات ..ولم تكن لها ذات سياسية تنظيمية لا حزب ثوري ..و لا نقابة ( على غرار ما حدث في بولونيا) ( على الرغم من دور الكوادر الوسطى والدنيا من النقابيين المناضلين الذين اطروا ودعموا هذا الحراك الشعبي واعطوه زخم التمدد والانتشار)وبالرغم من الوقوف المبدئي للمحامين ولبعض الهيئات الحقوقية الا ان فعلها بقي مقتصرا على جهات دون اخرى ....غير انها كلها اي هذه النخب كانت تتذيل لاندفاع الشباب لا تقوده ...والدليل على ذلك ان اعتصام القصبة لم يكن موجها بل من شباب الاعماق المهمش الذي زحف للقصبة لحماية ثورته ؟؟وبعدها جاءت النخب؟؟؟؟ فهي ثورة شعبية من دون قيادة ولا عنف و لامسار سياسي واضح فاجأت الجميع ...حتى ان بعض احزاب الديكور التي كانت تحسب على المعارضة الراديكالية يوما ما ساءها ما يحدث في القصبة وعدوه ثورة مضادة ؟؟؟؟؟؟؟؟؟
الاحراج الثاني عن الحشد والجمهور وانا اسميه مع اختلاف في التسمية المركز والهامش على حد عبارة للاديب المغربي محمد شكري الذي كان يكتب بجسده حين قال عن الادب :ان الهامشي اصبح هو المركز" وانا اعتبر هذا الكلام صحيح وينطبق على الثورة التونسية فالشباب المهمش العاطل عن العمل الاتي من الاعماق المنسية ..والمنغمس في المقاهي المغلقة على الفايسبوك وتويتر ..هو من صنع الثورة لا النخب والاحزاب التي ظلت تمج اسماعنا بخطب معلبة لا تقل التخشيب السياسي للخطابات النوفمبرية ...بل ان هذه النخب لم تقدر على الفعل ابان انتفاضة الحوض المنجمي رغم محاولات بعض النقابيين تاطيرها ودفعوا ثمنا من السجن والطرد في 2008 ....ولكن حين شاء ما كنا نسميه تندرا "جيل الجال" ان ينتفض.. سقطت حسابات الجميع ...ف" لاكورة نفعت ولا اونطة ولا المناقشة وجدل بيزنطة ولا الصحافة والصحفجية ....كما قال نجم ذات يوم معلقا عن انتفاضة الشعب المصري)...

وللحديث بقية.....

الثورة..السياسة والدين ؟؟

الثورة مثلما فاجأت الجميع في بدايتها في تونس وبدأت من حيث لم يكن احد يتوقع من المهمشين من العاطلين لا من النخب ولا من اطياف المجتمع المدني ..و لا حتى من الدولة او مؤسساتها الامنية والعسكرية على وجه الخصوص ...فكانت انتفاضة جيل من المهمشين الذين كان يشار لهم بالبنان وينعتون باقذع النعوت .....هذه الثورة فاجات الجميع في تحولاتها ايضا ومسارها ..بعدما رغب الجميع في ركوب موجتها ..وكان المهمشون مجددا هم محرارها ووقودها حين زحفوا من المناطق الداخلية المحرومة نحو القصبة للاعتصام ...ولحقت النخب مرة اخرى للركوب والمزايدة ..وشاءت مشيئة هؤلاء الشباب الذين عفروا ارضنا بدمائهم وسنوات ضياعهم ..ان يمنحونا الحرية ...وبدات النخب تحصد الثمار...تاشيرات احزاب..وجمعيات..وجرائد...وعودة مهجرين وعودة معطلين وتحرير مساجين وفتح ملفات فساد و.و.و....وبدأ البوم الناعق غربان الفراغ في العودة لخطابات السبعينات ..لخطابات خشبية كنا نسمعها في الجامعة ...نراها في التلفزة مباشرة او في الراديو ....وكان املنا ان يكون هؤلاء قد تدربوا امام الة القمع النوفمبري كيف يتوحدون ينسون خلافاتهم ..يدركون ان الموت الاكبر مازال لم يكشف بعد عن انيابه...عاد الاسلاميون من المهجر ..وخرج الماركسيون من السرية ...وبدأ كثير من القوميين في تقديم نقدهم الذاتي وانسلخوا من حزب الاينوبلي ...وبدا العائلة الوطنية في لملمة تشتتها ...وظهرت جبهة 14 جانفي من اطياف من اليسار والقوميين والبعثيين ..خلنا انهم فهموا ان اصطفافهم في جبهة تقدمية هو وحده الكفيل بغلق الباب امام اعداء التقدمية ..وخلنا انهم فهموا ان مثل هذه الجبهة لا يجب ان تكون لها اجندة انتخابية تنتهي بمجرد انتخاب مجلس تاسيسي ...وخلنا..وخلنا ...حتى بدات المحاسبات الحزبية الضيقة تظهر على صفحات الفايسبوك ...عن ماضي عمره اكثر من 20 سنة ..عن ما كان يفعله هذا او ذاك في الجامعة ...وبدا رجع صدى الخطاب الجامعي الضيق ...والحقيقة اننا عشنا الجامعة ولم نهتد الى فرق واضح بين تلك الطروحات ...سوى اختلافات افكار تحلق في الفراغ ..ولا يفهمها عامة القوم...من الطلبة ..فما بالك الشعب الفقير ..وجمهرة العاطلين الذين سنتحدث باسمهم ...ازمة الامبريالية دورية ام هيكلية ؟ ستالين زعيم اشتراكي ام ديكتاتور؟نظرية ماو عن زحف الريف على المدينة نموذج وتطوير ام تحريف للاشتراكية العلمية ؟؟تجربة انور خوجة فاشلة ام تطوير خلاق للماركسية في بلدان العالم الثالث؟؟ طبيعة المجتمع التونسي؟؟؟؟في المقابل يعقد الاسلاميون مؤتمرهم الاول بعد العودة ويستبعدون من كانت له مواقف "لاذعة "من احداث باب سويقه واعني عبد الفتاح مورو ...خاصة ..الذي رغم تصريحه المستاء من الابعاد وربما تفكيره في انشاء حزب جديد ...لم يقل كلمة سوء في النهضة ولا في الغنوشي ..بل وترك الباب مفتوحا لامكانية مصالحة....هم يفهمون السياسة جيدا ويعلمون انه عند الشدائد تختفي الضغائن ...هم ينفتحون على تراث الفكر التقدمي ولا يرون فيه سطوا او خجل ...هم تعلموا من منير شفيق وتجربة الحزب الماركسي الثوري ...تعلموا من فتحي يكن ان يقرؤوا من دون خجل كتاب لينين ما العمل ؟ تعلموا تجربة التنظيم السري وحرب العصابات من جيفارا.....؟؟؟؟؟ لقد اخذوا منكم السياسة وتركوا لكم الشكل السلبي للدين والاخلاق ...

الجمعة، 11 مارس 2011

ها قد عدنا للتدوين ...

كنت من اول المشاركين في التدوين في تونس وكانت لي مدونتان واحدة فكرية والاخرى تراثية سمعية ...وشاءت ظروف كثيرة جعلتني اقلع واحجم عن التدوين المستمر منها التضييقات على مدونة الناقد وحجبها اكثر من 3 مرات ...بعد تغطيتنا لاضراب الجوع للاساتذة المطرودين من العمل ...وتغطية احداث اخرى جدت في دوز وخاصة حريق دوز الذي اتى على محل لبيع البنزين ...ثم ان انسداد الافق للعمل التدويني وانحساره داخل خانة صراعات همها تخوين الناس ...غيرت اسم مدونتي هذه ولم اكن مع ذلك انشط فيها ...واليوم رايت بعد ثورة الشباب المباركة ثورة الحرية والكرامة ...ان اعود لكتابة بعض الخواطر ونشر بعض المقالات عن الثورة والحرية وكيفية تصور المرحلة القادمة للفعل السياسي ...وخاصة بعد ان اثلجني خبر ارجاع الاساتذة المطرودين من العمل معز الزغلامي علي الجلولي ومحمد المومني..رايت ان اعيد بعث المدونة القديمة التي عرفت بها في اوساط المدونين ...الناقد بشكلها القديم ...
معا نصنع غدا اجمل ..
من دون تخوين ..
ولاتخويف...
ولنقل الحقيقة عارية
عاشت تونس
عاش شهداء الثورة المباركة.

في دوز :الثورة من هنا بدأت

يوم 12 جانفي 2011 بدأت مشادات مع رجال البوليس ورد هؤلاء بالرصاص الحي سقط شهيدان هما : د حاتم بالطاهر ورياض بنعون ...اجج المشهد حماسة الشباب وسقط جدار الخوف والصمت وبدات الحكاية ...