الجمعة، 25 ماي 2007

الاتحاد المغاربي.. في حكاية من حكايات كليلة ودمنة


يُحكى أن مدرب حيوان ، جمع ستة قرود في قفص! علق في أعلاه حزمة موز، وحين رأى أن قردا من المجموعة يحاول الوصول إلى الموز ، أطلق رشاشا من الماء الساخن عليه وعلى القردة الخمسة الباقين حتىأرعبهم!! بعد قليل حاول قرد آخر أن يعتلي القفص ابتغاء الموز، كرر معه نفس العملية، ورش القردة الباقين بالماء الساخن ، ثم كرر العملية أكثر من مرة! بعد زمن وجد أنه ما أن يحاول أي قرد أن يعتلي القفص للوصول إلى الموز حتى تمنعه المجموعة خوفا من الماء الساخن ،شرع مدربنا بعد ذلك في إخراج قرد من الستة خارج القفص، واضعا مكانه قردا جديدا (السعدان مثلا ) لم يعاصر هذه التجربة ، ولم يشاهد رش الماء الساخن ، وسرعان ما بدا السعدان بطبيعة الحال محاولة قطف الموز، حينئذ هبت مجموعة القردة المرعوبة من الماء الساخن لمنعه ومهاجمته ، بعد أكثر من محاولة تعلم السعدان أنه إن حاول قطف الموز سينال عقوبة صارمة من باقي أفراد المجموعة! بعدها أخرج المدرب قردا آخر ممن عاصروا حوادث رش الماء الساخن ـ غير السعدان ـ وأدخل قردا جديدا عوضا عنه ، فوجد أن نفس المشهد السابق تكرر من جديد ، القرد الجديد يذهب إلى الموز، والقردة الباقية تنهال عليه ضربا لمنعه ، بما فيهم السعدان على الرغم من أنه لم يعاصر رش الماء، ولا يدري لماذا ضربوه في السابق .كل ما في الأمر أنه تعلم أن لمس الموز يعني الضرب على يد المجموعة ، لذلك ستجده يشارك، وهو في غاية الحماس والانفعال بكيل الضربات للقرد الجديد وربما يعوض بذلك أيضا ما أصابه من الضرب عندما حلّ في القفص .استمر مدربنا بتكرار نفس التجربة ، أخرج قردا ممن عاصروا حوادث رش الماء الساخن، وضع قردا جديدا، فتكرر نفس الموقف ، كرر هذا الأمر إلى أن استبدلت كل المجموعة القديمة! في النهاية وجد أن القردة مستمرة في ضرب على كل من يجرؤ على الاقتراب من السلم، لماذا؟ لا أحد منهم يدري!! لكن هذا ما وجدت المجموعة نفسها عليه منذ أن جاءت!
هذه القصة الطريفة المنسية من حكايات كليلة ودمنة تنغرس في واقعنا المغاربي لا اعلم حين اذكرها ينتابني احساس بأن شعوب مغربنا تساق بنوع من الخواف كما يسميه علماء النفس يعيقها عن الفعل ويجعلها تظل دوما في مؤخرة الشعوب التواقة للحراك السياسي البناء على الرغم من ان منطقة مغربنا لها من الامكانيات الطبيعية و الموارد البشرية خاصة ما يجعلها في طليعة الدول النامية .فمن استعمار شوه حركة نموها الطبيعي الى انظمة منصبة الى تجارب سياسية متتالية و فاشلة ( يسراوية , قومية, اسلاموية تكفيرية ) الى محاولات ابتلاعها من بنوك النهب الدولي .فإن محاولات استنهاض همم هذه الدول ظلت حتى بالتجارب الحديثة كتجربة الاتحاد المغاربي مجرد صرخة في واد لم تنعكس على الارض و لم يستفد منها المواطن العادي شيئا . فلا الحدود ألغيت ولا العملة وحدت ولا الحواجز القمرقية رفعت .بل ما يزال يتواصل الحصار الامني واغلاق الحدود والمراقبة على السلع ومع ان بلدا كالجزائر يعتبر مطمورة العالم من الغاز الطبيعي فإن المديونية التي يعرفها لاتعرفها دول مجاورة اكثر فقرا .ومع ذلك فإن المنظمات الدولية كمنظمة الشفافية او منظمة العمل او منظمة الصحة لا تزال تصنف هذه البلدان في ذيل المنظومة الدولية ناهيك عن منظمات حقوق الانسان.وهنا لسائل ان يسأل هل حالنا هذه بعد 50 سنة من استقلال هذه الدول بسبب انظمته المتذيلة للغرب ام بسبب شعوبه التي ذللها الخوف والجهل من دون سبب موجب احيانا كحال هذه القردة .هل علينا ان نعلق كل عجزنا وفشلنا على الأنظمة ام ان شعوبنا سبب البلية . كان قد أدرك ذلك ايتيان دي لابواسيي Etienne de la boetie منذ القرن السادس عشر 16 حين تساءل بغرابة : " كيف يمكن لهذا الجمع من النّاس ومن المدن والأوطان أن يتحمّلوا كلّ شيء في بعض الأحيان من طاغيّة لا حول له إلا ما يقدّمه الناس إليه ؟..انّه –حقّا – شيء مدهش أن نرى ملايين من البشر مكبّلين ببؤس خاضعين مطأطئين الرأس لعبوديّة محزنة لا لأنهم قد أجبروا على ذلك بل لأنهم كانوا مفتونين ومسحورين باسم واحد أوحد ".
إن مسالة الاتحاد المغاربي اليوم هي شأن الشعوب عليها أن تقف اليوم وتنزع عنها غلالة الخوف والجبن وترفع بشكل سلمي مطلب الوحدة الشاملة فأسس الوحدة وشروطها منغرسة في وجودنا اليومي وليس لنا إلا أن نبدأ بإزالة "جدار برلين" المغاربي .

هناك تعليق واحد:

Big Trap Boy يقول...

تـمّت إضافة الرابط لهذا المقال ضمن قائمة المشاركات في يوم التدوينة المغاربية