الأربعاء، 23 ماي 2007

مدينتي3.......طبيب قريتنا


مدينتي يا سادة ليس فيها من الاطباء على كثرتهم في مستوصفها الوحيد الا طبيب واحد يعتد به ابن الجهة .طبيب له من العلم والخبرة والدراية بمسالك الصحة المتعرجة في بلدي ما اهله و رشحه حتى يكون قبلة المرضى و المحبطين والفقراء الذين اوصدت في وجوههم ابواب المستوصف لكونهم لا يملكون دفتر ابيضا او احمرا و لا تغطيهم الصناديق الاجتماعية.طبيبنا الدكتور فوزي شاب انيق وقور يتقن الكلام وحسن المجاملة عقله يتفتح على ثقافة الغرب اغرته السياسة فمال لها وابدل كرسي البرلمان بسرير المداومة اليلي خير ان يستمر في علاج اهل قريتي بدلا من الدواء بعلاجهم بالكلام والمعالجة الاخيرة كما راى علماء النفس انفع واجدى لذا فضل طبيبنا الوحيد ان يقطن قريبا من مركز القرار حتى يأتيهم كل نهاية اسبوع بالدواء الشافي .تنتصب عيادته في اطراف القرية ترى الناس منذ فجر السبت تتدافع امام فيلته – العيادة – و كأنهم يبعثون للحشر يصطفون ويتخاصمون حول لمن تكون الاولوية .هذه العائلة من الفوار وهذا من نويل والاخر اعرفه من زعفران ..هذه من العبادلة اعرفها دائما تتردد على الاطباء ..ذلك من القلعة ....يتسائل احدهم لماذا لا يزورون الاطباء الاخرين: قال احدهم :" مشيت للحصحاصي وما عملي شيء " قال اخر : هلكونا الطبه الشناوة والروس اللي جابوهونه لقبلي علاش ما هزوهمش لسوسة ولا حمامات " قال اخر " تيماو الطبة اللي يجيبونة فيهم معاقبين ماعدوش العسكر هاوكة يجيو يتعلموا فيكم في التير ....قالت عجوز : انا بعثني الحاج الصادق لفوزي باش يعملي تصاور وتحليل .. شك في مرضي يمكن قرح.." ..بعد طول انتظار تململ القوم و تدافعوا :" الطبيب جا" وقفت سيارة فارهة ..لم يره احد ..كان الكل يخشى ضياع مكانه بالصف .تداولوا على العيادة واحدا واحدا ومن يخرج كانه خرج لتوه من امتحان :" اش قالك " اعطاني تحليل " وانت " بعثني نصور " وانت قالي اعمل سكانار " وانت قالت امراة وقد تهدل وجهها وشحب "انا طلبت منه باش يعاونوني ناخذ شهرية زواولة ووعدني باش يقول للمعتمد " . كان الدكتور يسر لعض اصدقائه ان الذين يزورونه لضيق النفس ويشتكونه عسر الحياة اكثر من الذين ياتون للتطبب .ولكنني لا استطيع ان اردهم كما قال .هكذا فعلا اهل قريتي بحاجة لمن يعالج نفوسهم لا ابدانهم. لمن يرد عنهم انياب الفقر ... يا نايب يا نواب يا كريم.؟؟؟


--------------------------------------------------------------
الفوار- نويل -زعفران-القلعة :قرى صغيرة على اطراف قريتنا
العبادلة : حي صغير في البلدة
الحصحاصي : طبيب معروف في القرية ليس من اهلها
الحاج الصادق : عراف وطبيب روحاني يعتد به في القرية
شهرية زواولة : تمحها السلطة للعائلات المعوزة مرة كل 3 اشهر
دفتر العلاج الابيض: مجاني للعائلات فاقدة السند واصبح اليوم مفقود
الدفتر الاحمر: دفتر التغطية الاجتماعية

هناك تعليقان (2):

Adem Salhi يقول...

أعتقد انك لم تفلح في تبليغ النقد الذي اردت ايصاله من هذا المقال؛ لانك كنت ربما كنت تعتقد ان تكتب لنفسك و لاهالي دوز فقط؛ كان عليك ان نوضح بعض الامور أكثر؛ لن أقوم بذلك هنا لانك ربما لم تغفل على ذلك و انما تعمدته

غير معرف يقول...

لقد أفلح وهذه الحكاية في كل قرية ،من بنزرت حتىقبلّي