الخميس، 31 ماي 2007

الشخص المفهومي




"ان الذين أحبهم لا أوظفهم ولكني أضعهم بين ظفرين " هذا الكلام استحضره للفيلسوف جيل دولوز عن ما يسميه " الشخص المفهومي" la personne conceptuelle بمناسبة تذكر صديق عزيز علي علمني ما لم اقدر ان اعلمه .والحديث يتعلق بأخي وصديقي آدم الذي كان يوما ما تلميذي اعلمه دروس الفلسفة في أقسام البكالوريا .وهاهو التلميذ اليوم يتجاوز أستاذه ليصبح هو من يعلمني الكثير من الدروس في الحياة ما لم أتعلم من الجامعة ولا من الحياة أصلا. كان لقاؤنا على مقاعد الدراسة تلميذا مجدا نجح في استجلاب الأساتذة اليه في سنوات مبكرة و هاهو يتخطى عتبات الزمن بسرعة ليراكم من تجارب الحياة ما لم يراكم اساتذنه.لم يعش الجامعة سنوات الجمر ولا عرف الايدولوجيا ولكنه قفز عنها جميعا كما لو انه كان معنا في ثمانينات الجامعة التونسية .كنت اروي لتلاميذي وله عن بعض ما عرفنا سنوات مد الحركة الطلابية عن ضرب الشقيقة ليبيا في 86 وعن اغتيال أبو جهاد في 87 وعن المؤتمر ال18 لاتحاد الطلبة في أواخر 87 وعن المواجهة العنيفة بين الإسلاميين والسلطة في أواخر الثمانينات و عن وعن ....
تلميذي حفظ الدرس من دون ان يعرف من كل هذا شيئا ... لكنه عرف ان حق الاختلاف مقدس لكل كائن يستحق ان ينتمي للإنسانية . كنا نختلف بعض الاحيان لكنه كان يبهرني بتحاليله البسيطة والمقنعة فأجاريه في ما يقول كنت رجل اقوال لكنه كان رجل افعال .اكتشفت هذا منذ ان بدا تجربة التدوين انخرط في عمل بدا لي للمرة الاولى ساذجا لامعنى له لكني اكتشفت مع الوقت انه فعل عظيم أقنعني ان أبدا .فبدأت .كانت اللحظة الأولى على صعوبتها لحظة تحدي محسومة وها انذا اعترف انني تعلمت منه ما لم أتعلم في حياتي .لم تكن الانترنت عندي سوى مناسبة للتسلية وربما للاستفادة الأكاديمية ولكن اكتشفت في التدوين التزاما جديدا لم نتعلمه في الجامعة ولم نلقنه في حلقات النقاش الإيديولوجي التي حضرتها . إنها درس في الحرية ؟؟؟؟؟ لقد صدق اكزونوفان حين اعترف لسقراط بانه يجهل ماهية الصداقة مع انه يدعي من زمان انهما صديقان .. ها انني بالمثل اليوم اعترف لتلميذي انني اجهل معنى الحرية مع انني اعتقد من زمان انني اعلمها له وللاخرين..... ....

هناك 5 تعليقات:

Adem Salhi يقول...

شكرا لاستاذي و صديقي العزيز؛ كلامك أثر فيّ كثيرا ؛ لقد أسعدني كثيرا ما كتبت؛ و لكن أعلم انه كان لك من التأثير عليّ ما لن أنساه و ما اتمنى ان اعلمه لتلاميذي و اولادي
شكرا لك

عماد حبيب يقول...

أقف احتراما وجب لك في نصك هذا و للعزيز آدم

تحياتي

abunadem يقول...

شكرا عماد هذا واجب علينا

mahéva يقول...

أحيي فيك روح الأستاذ الذي يؤمن بقدرات من هم أقل منه سنا أو تجربة أو علما. للأسف أغلب أساتذة اليوم لا يعترفون للتلميذ بقدرته على الإبداع

أنا أؤمن أن الحرية ممارسة يومية و ليست كلاما. حرية التفكير و حرية الفعل أمران متلازمان. و لكن هذا لا يمنع أن نظرتك للحرية أو لأي مفهوم آخر تتغير أو تتحدد بمدى تقبلك للفكرة و هذا من الصعب أن يحدث إذا لم تكن هناك قراءات للدعم

غير معرف يقول...

Having such a student with such ideology proves that you were more than a perfect teacher.

God bless your freindship