الجمعة، 1 فيفري 2008

مقالي عن الاختلاف في العدد 50 من مجلة " كتابات معاصرة" اللبنانية.


كيف نختلف ؟
المدخل :

هذا السؤال يطرح أمرا واقعا اليوم ،يدعونا إلى التفكير فيه بضرب من العقلانية ،لذا فهو يفترض السؤال مسبقا لماذا نختلف ؟وفيما نختلف؟لنعرف بعد ذلك كيف نختلف ؟ثم إن هذه الأسئلة جميعا تقودنا إلى السؤال الفلسفي الأول :ما الاختلاف؟
عن هذا السؤال يجيبنا أرسطو في الكتاب الرابع من الميتافيزيقا معرفا الاختلاف بكونه
"علاقة تغاير بين أشياء تبدو متماهية من وجهة نظر أخرى "(1)
" Relation d’altérité ,entre des choses qui sont identiques
à un autre égard " Aristote-Métaph,IV,9,1018a.

ويفسر السيد لالاند ذلك على أنه يعني عند الوسيطيين مجرد اختلاف عددي بين أشياء كثيرة تتميز بالنوع لا بالجنس,وهو ما سيعود إليه أرسطو في المرجع السابق حين يبين أن الاختلاف هو امتلاك خاصية تميز نوعا من نوع آخر لنفس الجنس .

أما السيد لالاند(2) ,فمثله مثل باقي الفلاسفة الجدد ,يماهي بين الاختلاف والتضاد أو التناقض .فهو يفسر كلمة.« altérité على أنها خاصية ما هو آخر،ويجعلها نقيضا للتماهي و كل ما هو غير ذاتي. وسواء أكان الاختلاف تميزا بالجنس أو بالنوع فلا بد من الاعتقاد مع هيقل(3) بأن الاختلاف جزء مكون للوحدة ولا يمكن تصور الوحدة دون الاختلاف ,فلا يمكن أن أكون أنا ذاتي إلا متى وعيت بان هناك آخر مقابل لي هو الذي من خلاله أعي ذاتي,"فلا يحصل الوعي بالذات إلا عبر الشعور بالتضاد فلا أستعمل ضمير أنا ألا عندما أخاطب أحدا يكون أنت في كلامي"على حد عبارة اميل بنفنيست (4).فالاختلاف بهذا المعنى ,هو القدرة على أن أكون الأخر في الوقت الذي أكون فيه أنا نفسي ،أو القدرة على أن أكون أنا نفسي في الوقت الذي أكون فيه الآخر.
فالاختلاف إذن تميز وتماهي ,تضاد وتشابه .
لماذا نختلف ؟
وما الذي يدفع بالإنسان إلى أن يكون الآخر إن كان هو ذاته , أو إن كان هوالاخر ما الذي يدفع به لأن يكون ذاتا ؟ هل الاختلاف طبيعة بشرية متأصلة فينا وقدر لا مهرب منه أم هو شيء نكتسبه ونتربى عليه في حياتنا ؟هل هو طبيعي أم هو تاريخي ؟ غريزي أم مؤسسي ؟
لقد أكدت اغلب الدراسات الانتربولوجية على أن" للإنسان تاريخ أو هو بالأحرى تاريخ "كما يقول سارتر , ولكن لا يعني ذلك أن ليس له طبيعة كما يدعي البعض .فقد أكد لوسيان مالسون في كتابه "الأطفال المتوحشون" على وجود ما سماه "الطبيعة المكتسبة "أو "الوجود المفتوح والخلاق" للإنسان ،حيث بينت تجربة على الأطفال المتوحشين أن هؤلاء لا يبدون كبشر ذوو طبيعة ثابتة عاقلة أو ناطقة كما كان يقول القدامى ،ويعاضدهم حتى بعض الأنثروبولوجيين ، بل يبدون حسب مالسون " كالحيوانات التافهة ،إن لم نقل دون الحيوانات ، فعوضا عن حالة طبيعية حيث يمكن أن نلمح الإنسان العاقل والإنسان الصانع البدائيين .نحن أمام مجرد منزلة شاذة في مستواها يحول كل علم نفس إلى علم مسوخ "(5).
فمسالة الاختلاف ، لو نردها إلى أصلها الأنثروبولوجي لا نخرج عن سياق فهمنا آما هو الإنسان ؟ وان هذا التحديد هو أكثر ما أول وفهم في سياق أيديولوجي وما زال آلي اليوم ؟ الأمر الذي اعتبره البعض ربما عقبة أمام نمو و تطور العلوم الإنسانية ككل .
فهل الاختلاف طبيعي فينا ام مكتسب ؟
هل نختلف لأنه من طبعنا متميزين ومتنوعين ،أم نختلف لأن الواقع الأجتماعي والسياسي والثقافي والحضاري يفرض علينا اختلافا في الأفكار والأراء و.........؟
وحتى لو سلمنا بأن الاختلاف طبيعي فينا ،على قاعدة أن التنوع والتميز أمر فرضته الطبيعة على الكائنات وأن الإنسان واحد منها ،فإننا لن نسلم من هذا الموقف الأيديولوجي ، الذي يعتبر أن الطبيعة واحدة وأنها حين خلقت الأشياء خلقتها مراتب ومنازل بمقتضى "غائية طبيعية " نجهلها ،كما يرى ذلك أرسطو ،لأن "الطبيعة لا تفعل شيئا عبثا "بل كل شيء لغاية وقصد .فلا بد من "علة غائية " لتفسير الطبقية ،والمراتبية ، واللاتجانس ،والقسمة ،والتفاضل بين البشر .
و إن نحن فهمنا الاختلاف على انه مكتسب أي على انه إنشاء تربوي حسب عبارة كانط ،لم نمنع أنفسنا من الوقوع في الزلل الإيديولوجي نفسه ،الذي يعتبر الاختلاف في المراتب و الدرجات والفقر والغنى .... مراتب مستحدثة ومفتعلة لتبرير التفاضل الحضاري بين الأمم، ذلك أن الاستعمار الحديث قد قام فعلا على هذه الفكرة ، حيث اعتقد المستعمرون الغربيون أنهم فعلا أمة متحضرة وان واجبهم حماية آو "انتداب حماية" للأمم" اللامتحضرة " .وهو موقف ينتقده ويرد عليه واحد من علماء الأنثروبولوجيا الفرنسيين وهو كلود ليفي ستراوس في كتابه "العرق والتاريخ"حيث يقول :"...وفيم بعد استعملت الحضارة الغربية تعبير "متوحش" في المعنى ذاته فقد كان يختفي وراء هذه الصفات الحكم نفسه ،إذ من المرجح أن كلمة "بربري" تقود من الناحية اللغوية آلي غموض وجمجمة أغاني العصافير ،بمواجهة القيمة التعبيرية للغة البشرية ،وكذلك كلمة "متوحش" التي تعني انه آت من الغابة، تذكر بنوع من الحياة الحيوانية في مقابل الثقافة الإنسانية ،وفي كلتا الحالتين نرفض القبول بواقعة تنوع الثقافة نفسها، ونفضل ان نرمي خارج الثقافة أي في الطبيعة ،كل ما لا يتفق مع القواعد التي نعيش عليها"(6) و يضيف ستراوس ردا على هؤلاء قائلا :"فبرفضنا صفة الإنسانية على الذين يبدون الأكثر "وحشية" أو "بربرية"،لأقوم إلا باستعارة واحد من مواقفهم المميزة .ان البربري هو قبل كل شيء من آمن بوجود البربرية ".(7)
فمسالة الحسم في علة الاختلاف والتنوع فينا ،إن كانت من الطبيعة أم من الثقافة هي مسالة غير قابلة للحسم ، ثم لا تخلو من توظيف إيديولوجي كما سنرى والحال أن معرفة " أين تنتهي الطبيعة ؟ و أين تبدأ الثقافة ؟- كما يقول ستراوس- يمكن تصور وسائل عديدة للإجابة عن هذا السؤال،لكن تبين إلى حد الآن أنها جميعا جد مخيبة للآمال ...".
فيم نختلف ؟
إن السؤال عن ما يبدو مختلفا فينا او مالذي نختلف فيه عن آخرين ؟ هو السؤال الذي يثير حفيظة العلماء و رجال السياسة ؟فقد نختلف في التفكير وفي انماط العيش وفي المواقف من الحياة ونختلف في لغتنا وحضارتنا وتاريخنا وحتى في تركيبتنا البيولوجية ...وقد لا نتفق في شيء مشترك في الوقت الذي نتعايش فيه معا ,ولعل هذا الاختلاف هو الذي انتج التواصل والاستمرارية بين الحضارات والشعوب وبين البشر ,فالاتفاق الحقيقي لا يكون بالاتباع الأعمى ،بل بالاختلاف والرفض وقول لا لأن"علامة نعم هي علامة الإنسان النائم"كما قال آلان (8)،وعلى العكس من يقول لا يكون مستيقظا ، و ان الافكار والعلوم والمعارف والفلسفات والحضارات لم تبن بأفكار نائمة بل متيقظة . لقد الإنسانية على سباتها عشرين قرنا وهي تكرر الخطأ نفسه حتى جاء القرن السابع عشر و قال علماؤه لا للكنيسة ، و للاخطاء التي يروجها رجال الدين ، لقد كانت يقظة حقيقية للفكر حين اصطدم العلماء و الفلاسفة برجال الدين ، وتصدوا لمحاكم التفتيش التي تاسست على مبادئ و افكار صارت حينها متجاوزة .
لعله كان علينا آن ننتظر ظهور الفلاسفة الموسوعيون ،فولتير ،ديدرو،مونتسكيو،و رسو و آخرون ساهموا في "الموسوعة الفرنسية"وجعلوا منها بيانا لليبيرالية السياسية حتى نعرف إن الجنس البشري "أمة واحدة " و :" إن الناس كلهم أحرار و مستقلون بموجب الطبيعة ولهم حقوق تلازمهم " كما في الإعلان الفرنسي لحقوق الإنسان و المواطن (9) .فان كان الناس متساوون في حقوقهم الطبيعية هذه ففيما الاختلاف إذن على الحقوق المدنية ؟ وان كانت اغلب الدساتير الحديثة في ذلك الوقت تعلن شعار المساواة للجميع دون أي تمييز كما ستقول بعد ذلك المادة 2 من الإعلان العالمي لحقوق الإنسان "... كالتمييز بسبب العنصر أو اللون أو الجنس أو اللغة أو الدين أو الرأي السياسي أو رأي آخر أو الأصل الوطني أو الاجتماعي أو الثروة أو الميلاد أو أي وضع آخر دون أية تفرقة بين الرجال و النساء ..." فلماذا لا تبدو هذه المساواة للجميع ؟لماذا تبرر الأنظمة الليبرالية الديمقراطية وجود التفاوت الطبقي بأنه طبيعي ؟لماذا "يتراكم 20% من الدخل لأغنى 5% من العائلات ، بينما يصل 5% فقط من الدخل إلى 20% ذات الأجر الأدنى .و توزيع الثروة أكثر انحرافا من ذلك ،فأغنى 5% يمتلكون 50% من كل ثروة الولايات المتحدة ،وإذا طرحنا المنازل التي يسكنها الناس و السيارات التي يسوقونها و الملابس التي يرتدونها ، فإن الثروة كلها تقريبا ملك لأغنى 5% ."(10).
إن هناك تناقضا صارخا بين ما تعلن الدساتير وكتب القانون و بين ما يوجد فعلا في الواقع ،وهو سبب هذا" التفاوت بين البشر "، كما سيكشف عن ذلك روسو حين يقول "أتصفح كتب القانون والأخلاق ،وأستمع إلى العلماء و إلى فقهاء القانون ،فأحزن متأثرا بخطبهم المنمقة –لما عليه الطبيعة من بؤس- و أفتن بالسلام والعدل اللذين أقرهما النظام المدني ،واحمد حكمة المؤسسات العمومية ، وأتعزى –عندما أرى نفسي مواطنا – بأنني إنسان "(11). فـــــــ
كيف نختلف ؟

هل في الاختلاف ما يبرر الصراع و الاقصاء ؟
أم أن الاختلاف على العكس يؤكد التواصل بالعقل ؟
في رسالته "في أصل التفاوت بين البشر"(12)بين رسو للمرة الأولى ، أن هناك نوعين من التفاوت بين الناس ، تفاوت طبيعي وآخر اجتماعي ، وأنه اذا كانت المؤسسات الاجتماعية تكشف عن بشاعة التفاوت بين الناس ، فإنه من غير الممكن بل من المستحيل رد هذا التفاوت إلى أصل طبيعي .لأن غرض رسو في هذه الرسالة كما يقول " توضيح طبيعة الأشياء بدلا من فهم أصولها الحقيقية " والعودة إلى طبيعة التفاوت يضطرنا إلى فهم طبيعة الإنسان ذاته . فلأول مرة سيكشف لنا رسو عن أن الطبيعة البشرية" خيرة " وأن نزعة الشر في الإنسان خلقتها المؤسسات الاجتماعية ، حين بررت الاختلاف بين الناس على أنه طبيعي ، وأن الإمتيازات الإجتماعية و المادية ، كالإمتياز في الثروة و في الميراث ، من أصل طبيعي والحال أن ما هو طبيعي في هذا التفاوت بين البشر عند رسو هو فقط ذلك الإختلاف في المولد و في فرص الحياة " la fortune " ، أما الحقوق الطبيعية التي سنت منها الدساتير " قوانينها الوضعية "فهي متساوية عند الجميع ، وانما هذه الأنظمة هي التي أساءت فهم واستخدام هذه القوانين . لذلك سيعلن رسو في كتابه " في العقد الإجتماعي " :"يولد الناس أحرارا دوما و لكنهم في كل مكان هم مكبلون بالأغلال "(13) ، باعتبار الحرية حق طبيعي قامت الأنظمة المدنية بإعتمادها شعارا لقيامها ، و أساسا لوحدة البشرية . فالناس يتساوون بالطبيعة في هذه القوانين كما بين رسو في " أصل التفاوت " :" ان الطبيعة وحدها تعمل كل شيء في تصرفات الحيوان بينما يقوم الإنسان بتصرفاته بصفته فاعلا حرا "(14) .وكان لزاما على المؤسسات المدنية المحافظة على هذا الحق لا اغتصابه كما جاء في" الإعلان الفرنسي لحقوق الإنسان و المواطن " في ذلك الوقت " إن غاية كل اجتماع سياسي هي المحافظة على حقوق الإنسان الطبيعية واللامتناهية " .
فكيف نصلح ما أفسدته المدنية ؟ وما أفسده الاجتماع الإنساني ؟
لن يكون الحل بالتأكيد رفض هذه المدنية ، لأنها ما يحدد إنسانية الإنسان و يميزه عن باقي الكائنات ،بل هي ما يعين أخلاقياته أو ما يجعله كائنا أخلاقيا كما يبين رسو .وان هذه الأخلاقية هي ما يجعل " العدل ينقاد إلى الغريزة أو إلى صوت الضمير " و بذلك يكون الحل يكون الحل عند رسو هو "التربية " ( وهو ما ضمنه في كتاب أميل éducation’Emile ou de l ) فبفضل التربية نجعل الإنسان ينقاد إلى غريزته ويستمع إلى صوت ضميره و يجعل ما هو غريزي وخير فيه أساس العدل .و هكذا نحافظ على الاجتماعية بالأخلاقية و التربية ، هذه الأخلاقية هي التي تسمح لنا بأن نتنازل عن حقوقنا للجميع على قاعدة المساواة دون أن نفقد من هذا التنازل خصوصيتنا الإنسانية ، و ليس هذا التنازل تنازل عن الحرية لأن "من يتنازل عن حريته يتنازل عن صفته كإنسان " كما يقول روسو (15) ، لكن لايعني هذا التنازل أنه يتحول إلى عبد لآخرين ، فالقوة لاتصنع الحق ، و" من يهب نفسه للجميع لا يهب نفسه لأحد " ، و من يتنازل للجميع فإنه لا يتنازل عن صفته كإنسان ، لأنه لا يتنازل عن حريته لأي أحد ، و لضمان ذلك " لابد- كما يقول رسو –من إيجاد نوع ما من الاتحاد من شأنه استخدام قوة المجتمع كلها في حماية شخص كل عضو من أعضائه و ممتلكاته ، وذلك بطريقة تجعل كل فرد، إذ يتحد مع قرنائه ، إنما يطيع إرادة نفسه ويظل حرا كما كان من قبل ، هذه هي المشكلة الأساسية التي يكفل العقد الاجتماعي حلها "(16) .
فالاختلاف بين الأفراد لا يمكن أبدا أن يعيق اجتماعهم و اتحادهم ،بل على العكس أن هذا الاختلاف هو ما يشرع هذا التوافق و الاتحاد والتعاون في ظل الدولة .ولو وجد الناس على اتفاق بالطبع لما احتاجوا أبدا للتعاون والاجتماع و لظلت حالتهم بدائية كما كانت على هذا الأساس وهذا المبدأ الطبيعي مبدأ الاختلاف أسس فلاسفة عصر الأنوار" فلسفة الاختلاف " التي ستكون فلسفة الديمقراطية و النظام الليبيرالي الحديث .
لقد كان فولتير بقولته الرائعة الشهيرة قد وضع دستور " فلسفة الاختلاف " حين يعلن ":قد اختلف معك نعم ولكني مستعد أن أدفع حياتي ثمنا مقابل حقك في الرأي" ، إن الاختلاف بهذا المعنى يصبح خاصية الإنسان فينا ، و إن نحن سلمنا بوجود نقاط التشابه والتماثل فينا ، فإنه لابد أن نقبل في الأخير بوجود هذا الاختلاف ، ولكن المشكل الذي تفطن له فلاسفة الأنوار دون غيرهم ليس وجود الاختلاف ذاته عند الإنسان ، بل تأكيد امتلاك "الوعي بالاختلاف" .
فأن نختلف، معناه أن نمتلك "وعيا بالاختلاف" .
وأن أكون مختلفا ، معناه أن أكون "اختلافي" .
و قد كان كانط أكثر وضوحا من غيره حين نبه إلى المخاطر التي تعوق حرية التفكير والاختلاف في نص شهير له من كتاب "ما معنى أن نتوجه في التفكير؟ " وعددها في ثلاث :
*- الإكراه السياسي
*-الإكراه الديني
*-الإكراه القانوني /التشريعي
-بخصوص الأول : يقول كانط :" تتعارض حرية التفكير أولا مع الإكراه السياسي و لقد قيل أن حرية الكلام أو الكتابة يمكن حقا أن تنتزع من قبل قوة متفوقة ،أما حرية التفكير فلا . ولكن هل يمكن أن نفكر جيدا إذا لم نفكر بكيفية مشتركة مع الآخرين ، بحيث يطلعوننا على أفكارهم وننقل لهم أفكارنا ،لذلك يمكن القول إن القوة الخارجية التي تفتك من البشر حرية إبلاغ أفكارهم علنيا ، تنتزع منهم في الوقت نفسه حرية التفكير ".(17)
فالإكراه السياسي بهذا المعنى بما هو ضرب من الاستبداد ،هو اغتصاب لحق الحرية وحق التفكير وحق الإختلاف ،وان رجل السياسة المستبد بهذا المعنى لا يقبل من يعارضه في اصدار الأوامر وكأنه يقول "لاتفكر ،نفذ " ، وقد تزيد الصورة قتامة ، ان نحن تصورنا هذا الرجل على شاكلة "التنين "الهوبزي الذي يأخذ كل الحقوق من أصحابها حتى تلك تتعلق باختيار المعتقد والديانة .
الثاني : يتعلق بالإكراه الديني ويقول كانط :"و تؤخذ حرية التفكير ثانيا ، في معنى يجعلها تتعارض مع الإكراه الذي يمارس على الوعي .وهو ما يحدث في مجال الدين عندما يقوم مواطنون أوصياء على الآخرين ، بعيدا عن كل إكراه خارجي و بواسطة صيغ إجبارية توحي بالخشية الشديدة من خطر البحث الشخصي ، باقصاء كل فحص عقلاني بفعل التأثير الحاصل على الأذهان ".(18)
فالإكراه الديني ، بهذه الصورة قد يكون أكثر تأثيرا و خطورة من السياسي لأن هذا النوع من الإكراه يتعلق بالفكر ذاته ،ويمارس على الوعي كما يقول كانط ، فنقبل بوصاية على أفكارنا حين لانفكر ،ودون ضغط أو قسوة ، بل بصيغ ملطفة تغلف بضرب من الإلزام العقائدي ، توحي بوصاية عليا فوق إنسانية وفوق طبيعية حتى نقبل بها صاغرين وكأننا برجل الدين يقول "لا تفكر ،اعتقد " .
الثالث : يتعلق بالإكراه القانوني و يقول فيه كانط :" وتعني الحرية ثالثا أن العقل لا يخضع لأي قانون إلا ذلك الذي يسنه لنفسه ...وينتج عن ذلك بصورة طبيعية أن العقل إذا ما رفض الخضوع للقانون الذي يسنه فإنه سوف ينحني لقوانين يسنها غيره لأنه دون قانون لا يمكن للسخافة الكبرى أن تثبت طويلا . و تبعا لذلك تمون النتيجة الحتمية لهذا الغياب الصريح للقانون ، للفكر ،...ضياع حرية التفكير ".(19)
ينتج عن ذلك ، أن العقل كي يضمن حريته ،و يظل مختلفا ، أن لا يخضع لأي قوانين أخرى لايسنها بنفسه ، ما عدا تلك القوانين الوضعية ، ولا يقبل بحال قوانين طبيعية ، أوإلاهية ،أو...فليست الحرية تعني عند كانط في النهاية سوى"الاستخدام العلني للعقل في كل الميادين " كما في رسالته حول الأنوار ، ودون حدود ، وان من يتنازل عن حقه في أن يكون انسانا ، و يقبل بأن يجعل له وصيا و الوصاية كما يعلمنا كانط ليست سوى القصور الفكري الذي يجعلنا دوما أطفالا صغارا ، محتاجين إلى" سلطة الأب " أ و "الأخ الأكبر " الذي يتوعدنا و يتهددنا لما فيه" صالحنا" كما نجد ذلك في رواية جورج أورويل الشهيرة " 1984".
فهل يمكن للإكراه أن يكون ذاتيا ؟ أو أن تتحول الرقابة إلى رقابة الفكر على ذاته ؟
إن الإكراه ذاتي ، والقصور ذاتي ، والرقابة ذاتية ،ومحاولة إلصاقها بأي خارج ،أو إسقاطها على الآخرين إنما في ذاته ضرب من القصور و العجز و المرض النفسي من المنظور الفرويدي على الأقل ، فما يجعل من المستبد مستبدا ، ليس مجاوزته للقوانين ، بل خضوعنا له ، وما يجعل من الفقيه واعظا لنا هو إحجامنا عن الاجتهاد والتفكير ، وما يجعل من رجل القانون سيدا علينا هو جهلنا بالقانون الذي يستعمله .و عليه فإن التنوير لن يكون كما سيرى كانط نفسه إلا ذاتيا، داخليا أيضا ، نقرأ في " ما هي الأنوار ؟":" إن التنوير يعني خروج الإنسان من قصوره العقلي الذي يبقى رازحا بسبب خطيئته .وحالة القصور العقلي تعني عجز المرء عن إستخدام عقله إذا لم يكن موجها من قبل شخص آخر .و الخطأ يقع علينا إذا كان هذا العجز نلتجا لا عن نقص في العقل ، بل عن نقص في التصميم والشجاعة على إستخدام العقل بدون أن نكون موجهين من قبل شخص آخر .لتكن لك الشجاعة و الجرأة على استخدام عقلك أيها الإنسان ".(20)
إن الشجاعة والجرأة إذن هما مبادئ الحرية و التنوير عند كانط ، والذي لا يملكهما لا يملك حتما أن يخرج من الظلام .وإن كان هناك فضل للعقل الغربي الحديث فليس في تأسيس هذه المبادئ ، بل في الاستباق إليها .وعلينا نحن اليوم أن نفهم معنى الاختلاف و مبادئه ، لنعرف كيف نختلف ؟
إننا نفهم الاختلاف دوما على انه إقصاء وصراع وتجاوز وكأنه لا يمكننا تصور الآخر الا بما هو " موسوم بالسلبية "كما يقول هيقل(21) ،لايمكن تصور الآخر المضاد لي الا بما هو جحيم كما يقول سارتر ،فأحوله الى موضوع وأنفيه وهو يحولني الى موضوع و ينفيني "؟ فلماذا نؤبد الصراع ؟ و الاختلاف ونفهمه على وجهه السلبي ؟ فالإقصاء لا يستمر أبدا ؟ و التناقض لا يستمر أبدا بصيغته السلبية .فالتناقض الذي اعتبره هيقل أساس حركة الجدل ، لابد أن يحسم بالاعتراف المتبادل بين الذوات . وهو نفسه الموقف الذي يدافع عنه كانط في" مشروعه نحو سلم دائم"حين اعتبر أن الإنسان مدفوع لحل مشاكله بالحرب في الوقت الذي يمكنه حلها بالعقل ، أي بالحوار .فعقلية الإقصاء والإبعاد والتجاوز هي عقلية " النظام الكلياني "، بكل أشكاله و تلويناته حتى تلك التي تدعي الليبيرالية ،أو تتخفى وراء أقنعة الديمقراطية و حقوق الإنسان وقد بين ريمون آرون(22) جوهر الكليانية و عناصرها في النقاط التالية :
-* وجود حزب سياسي أوحد يستحوذ على النشاطات السياسية في البلاد .
-* يفرض هذا الحزب إيديولوجية رسمية و يعتبرها حقيقة مطلقة .
-* تكون الدولة هي المؤسسة الوحيدة التي لها صلوحيات التفكير أكان ذلك عن طريق الإقناع أم العنف .
-* تتحكم الدولة في النشاط الاقتصادي تحكما كليا .
-* كل شيء لابد أن ينبع من الدولة ويعود إليها فتصبح الأيديولوجية المهيمنة هي أيديولوجية التخويف والإرهاب.(23)
و قد أفلح الأستاذ فتحي التريكي (24) على ضوء ا التحديد المذكور من تجميع و رصد عناصر الكليانية و أشكالها في النظامين الاشتراكي و الرأسمالي بأسلوب نقدي كما يلي :

عناصر الكليانية في العالم الماركسي في العالم الرأسمالي

- كلية الأفكار والمناهج -وحدة الثورة في العالم باتحاد القوى العاملة.-الاشتراكية الماركسية نموذجا أوحد للنمو . -النمو التقني أضعف الاختلافات بين المجتمعات الإنسانية .-العالم الرأسمالي يضع نفسه نموذجا عالميا أوحدا للنمو.
*- الانضواء الكلي تحت إيديولوجية مسيطرة -في الانتخابات العامة كل الناس يصوتون . -تقنية الاتصال المتطورة تقلص الحياة الخاصة للأفراد وتكيف اختياراتهم وتأقلمها فتتحكم فيها .
*- توحيد المؤسسات السياسية (الحزب الواحد) -رفض كل معارضة للأفكار السياسية المسيطرة و الرسمية. -احتواء المعارضة داخل اللعبة السياسية و استبعاد التعارض الحقيقي للاختيارات السياسية.

*- العنف البوليسي و العسكري -مجتمع مراقب هيكليا ،إرهاب الأفراد الخارجون عن الصف .اعتقالا وتعنيف واغتيالات . -مجتمع مراقب أمنيا (عالم البطاقات للهوية ) تجاوزات تتكاثر يوما بعد يوم ، تعنيف و اعتقالات و اغتيالات أيضا ولو أنها مبررة بوجود محاكم وعلم الحقوق .
*- العنصرية - موجودة لكنها قلما أخذت اتجاها عنيفا و رسميا . -عنيفة تستبعد الآخر بعنف لاسيما إذا استظهر الآخر بحقوقه .

ويستنتج الأستاذ التريكي من هذه المقارنة أن الكليانية نموذج عالمي لا ينطبق فقط على النظام الاشتراكي بل أيضا على النظام الليبرالي الذي يظهر حماسة أكبر في الدفاع عن الديمقراطية وحقوق الإنسان وان بدت الكليانية مقنعة ومغلفة بأغلفة أكثر إنسانية ،وهو موقف أعتبره صحيحا اليوم ، خاصة في ظل تطورات أحداث ما عرف ب "11سبتمبر " فتعالوا نرى ما يقوله فلاسفة "الديمقراطية والعولمة الجدد " . ففرانسيس فوكوياما F.FOKOYAMA
هذا الشاب الياباني الأصل الذي لم يكن اسمه ظاهرا أو معروفا حتى سنة 1981 في أوساط الباحثين حتى حين القاء محاضرته الشهيرة بعنوان " نهاية التاريخ " في جامعة شيكاغو .أصبح هكذا و فجأة "العقل المفكر" للنظام العالمي الجديد ، بل" العقل المدبر" للخارجية الأمريكية- إذا عرفنا أنه يرأس قسما بوزارة الخارجية الأمريكية .- فنراه في مقال حديث له نشرته مجلة " نيوزويك " NEWSWEEK (25) ، بعنوان : "العدو الحقيقي " ، يعتبر فيه أن "الديمقراطية الحديثة هي نسخة علمانية للمبدأ المسيحي في المساواة الإنسانية عالميا " وفي المقابل فإن "الإسلام هو الحضارة الرئيسية الوحيدة التي يمكن الجدال بأن لديها بعض المشاكل الأساسية مع الحداثة ".
فالمشكل من منظور فوكوياما ، مشكل حضاري، عقائدي، فمشكل التخلف،والفقر،والإرهاب ،... سببه عدم تلاؤم الدين الإسلامي مع الحداثة الغربية ، أو ما يسميه " الفاشية الإسلامية " في إشارة للحركات الدينية المتطرفة في الوطن العربي وعلى رأسها " الحركة الوهابية " في السعودية .
فأية حداثة لم تتلاءم معها الحضارة الإسلامية ؟
ليس سوى وجه واحد للحداثة في ذهن فوكوياما بالطبع هو " الحداثة الغربية " اللبيرالية على النموذج الرأسمالي - الأمريكي ، انها" حداثة العولمة " و قبول النموذج الإقتصادي الغربي ، ونحن نرى أن هذا النموذج الذي أصبح يفرض بوسائل مختلفة :- ضغط مالي (صندوق النقد ، البنك العالمي ) – ضغط سياسي (الديبلوماسية وحرب الكلام )- ضغط عسكري (تدخل عسكري في شؤون الدول )، هي الأساليب الديمقراطية جدا التي تمارس ، وتفرض بها الحداثة الغربية اليوم ،مرة بتعلة التحديث،و مرة بتعلة حقوق الإنسان ، ومرة بتعلة محاربة الإرهاب،...وهي كلها ممارسات لمفهوم واحد للديمقراطية وللإختلاف : أن تختلف معي هو أن تكون مثلي بصورة أخرى .
فهل هكذا نختلف ؟
ومجددا كيف نختلف ؟ وهل يمكن أن نقبل بالإختلاف مع مفكر بحجم فوكوياما أو هيتنغتون ، وغيرهم من" انتلجنسيا العولمة " الجدد الذين يعتقدون جازمين ب" مركزية الثقافة الأروبية " و EUROCENTRISME و لا يقبلون جدلا ، بأن حضارتهم أفضل الحضارات بل هي الحضارة الوحيدة ، وأن الحضارات الأخرى لم تدخل بعد عصر " التحضر " بالمفهوم الغربي للكلمة وهو ما يشرع للحديث عن " صراع الحضارات " عند هيتنغتون . وهل علينا أن نواجههم بالإقصاء ، و التجاوز على المعنى الذي ذهب اليه المفكر محمد أركون " في مشروعه النقدي الذي يقوم على :
-" – تجاوز المركزية الأوروبية
-تحطيم التفرد اللاهوتي
بلورة بحث علمي ينطلق من اعتبار أن الوحي والحقيقة والتاريخ أمور مترابطة ومتفاعلة بشكل محايث " .(26)
ان الاختلاف على هذا النحو لن يكون سوى اقصاء ، ولن ينتج سوى الصراع ، ولن تكون لغته سوى العنف ، وسننتظر عندها سياسي أمريكي آخر في حجم" جورج بوش " ليحدثنا عن" السلام العنيف " ، او " محاربة الإرهاب " وغيرها من المصطلحات المفبركة التي قد تفضحها مجرد " زلة لسان " ؟ (27)
فلماذا لا يكون الاختلاف على قاعدة" الاعتراف البيذاتي " بالمعنى الهيقلي ، أي على قاعدة "الندية "، دون أن نخفت صوت العقل ، ودون أن تتعالى أصواتنا ، على أساس و مبدأ الإلتقاء الثقافي والإبداع كما بين الفيلسوف الفرنسي الكبير بول ريكور في كتاب " التاريخ والحقيقة " حين أعلن " انني واثق بأن العالم الإسلامي الذي هو بصدد استعادة حركته والعالم الهندي القادر على خلق تاريخ شاب من تأملاته القديمة لممن الممكن أن يكون لهما مع حضارتنا و ثقافتنا الأوروبية ذلك التجاور المخصوص الذي يوجد بين كل المبدعين وهنا تنتهي الريبية فيما أعتقد ".(28) .
و عندها سوف نستعيض عن مفهوم " صراع الحضارات " بمفهوم أكثر أهمية ودقة نستفيده من ريكور نفسه هو " حوار الحضارات " ، لأنه كما يواصل ريكور " لاوجود للحقيقة الانسانية الا في المسار حيث تواجه الحضارات بعضها البعض أكثر فأكثر بالإعتماد على أكثر الأشياء فيها حيوية وابداعا ... لكن هذا المسار ليس الا في بدايته ولعله الرسالة الكبرى الملقاة على كاهل الأجيال اللاحقة " .(29)
المراجع والهوامش :
1) أرسطو : الميتافيزيقا –الكتاب الرابع –9/1018a.
2) Vocabulaire technique et critique de la philosophie : A.LALANDE V 1 p39 / PUF 1992
3) هيقل : أنظر جدلية السيد والعبد في" فينومينولوجيا الروح " و شرح الأستاذ ولتر ستيس لها في كتاب " فلسفة الروح " ترجمة الدكتور امام عبد الفتاح امام : ص ص 39-44 ":طبعة دار التنوير – ط3-1983 .
4) اميل بنفنيست : " مسائل في الألسنية العامة " - ط قاليمار ص ص 259-260
5) لوسيان مالسون : الأطفال المتوحشون من الكتاب المدرسي –الجزء الثاني –ط4 –المركز القومي البيداغوجي –1989.
6) كلود ليفي ستراوس : " العرق والتاريخ " ترجمة سليم حداد –ط : المؤسسة الجامعية للدراسات و النشر و التوزيع –الطبعة الأولى 1982 .صص56-57.
7) نفس المرجع .
8) آلان : أقوال حرة من نص من كتاب كيف أفكر ؟ سفيان سعدالله و فتحي بلحاج ابراهيم ص 47 – مطبعة الهلال –قصر هلال –1994.
9) الاعلان الفرنسي لحقوق الانسان و المواطن الصادر في 26 أوت 1789 .
10) ستيفن روز و آخرين :" علم الاحياء و الايديولوجيا و الطبيعة البشرية – سلسلة عالم المعرفة عدد 148 –ترجمة د-مصطفى ابراهيم فهمي - افريل/نيسان 1990 .صص94/95 ويعلق على ذلك هذا الباحث في الهوامش بأن نسبة % 1 تكتلك 60% من كل أسهم الشركات ، وأغنى 5% يمتلكون 83% من الأسهم .. ولعله يقصد امبراطور الإعلامية والبرمجيات بيل غيتس .
11) روسو: كتاب " حالة الحرب " طبعة قاليمار – جزء 3 ص 608 .
12) روسو : رسالة في اصل التفاوت بين البشر ظهر لأول مرة سنة 1755
13) روسو : في العقد الاجتماعي –طبعة Garnier-Flammarion ص 44
14) روسو : في اصل التفاوت طبعة قاليمار- جمع بلاياد المجموعة الكاملة .
15) في العقد الاجتماعي نفس المرجع السابق .
16) في العقد الاجتماعي نفس المرجع السابق .
17) كانط :ما معنى ان نتوجه في التفكير ؟
18) كانط ما معنى ان نتوجه في التفكير ؟
19) كانط ما معنى ان نتوجه في التفكير ؟
20) كانط: ماهي الأنوار ؟ ورد في الكتاب المدرسي أنا أفكر للسنة السادسة ثانوي سنة 1993 ط المركز القومي البيداغوجي تونس .ص72
21) هيقل : فينومينولوجيا الروح –المرجع السابق
22) ريمون آرون :أورده الدكتور فتحي التريكي في قراءات في فلسفة التنوع ص118 الدار العربية للكتاب 1988
23) فتحي التريكي : قراءات في فلسفة التنوع –ص 119/120 –ط :الدار العربية للكتاب 1988 عن سبيرو من مقال حول الكليانية .
24) مجلة نيوزويك –النسخة العربية –25 ديسمبر2001 .
25) محمد أركون : أورده الأستاذ كمال عبد اللطيف في مقال :"نحن و فلسفة الأنوار " مجلة الوحدة" الصادرة عن المجلس القومي للثقافة العربية، السنة7 عدد81 يونيو1991 .
26) المقصود هنا ما أعلنه بوش على اثر أحداث 11 سبتمبر 2001
27) بول ريكور : التاريخ و الحقيقة ط سوي Seuil ص 300
28) بول ريكور نفس المرجع

وهنا الاشارة للمقال ضمن حوصلة العدد 50

هناك تعليق واحد:

عماد حبيب يقول...

أمر فقط لأقول شكرا للنص

و لي عودة