الثلاثاء، 15 أفريل 2008

يوميات انتفاضة الجوع بالحوض المنجمي؟؟؟؟؟


يوميات انتفاضة الجوع بالحوض المنجمي

عرفت أهمّ مدن الحوض المنجمي: أم العرايس والرديف بداية من الأحد 6 أفريل أحداثا كبيرة ومفصليّة أعطت زخما للحركة الاحتجاجية ودوافع جديدة لمواصلة تحرّكاتهم حتّى تحقيق نسبة معقولة من مطالبهم:

1) الأحد 6 أفريل بالرديف:

عرفت مدينة الرديف بداية من الساعة الحادية عشر ليلا مصادمات عنيفة بين مجموعة من الشباب الغاضب وأعوان مركز شرطة المكان استمرت حتّى الساعة الواحدة صباحا وتمحورت أمام مركز الشرطة الذي تولّى أعوانه إطلاق القنابل المسيلة للدموع والرصاص المطّاطي في الهواء ثمّ احتموا بمقرّهم وأغلقوا أبوابه، وتُظهر جلّ التحاليل أنّ بدايات المصادمات قادتها مجموعة صغيرة من الشباب الذين لم تعرف لا هوياتهم ولا ارتباطاتهم والذين استدرجوا مجموعة من المهمّشين في تلك الصدامات في الوقت الذي لم ينسّق في ذلك مع الوجوه المعروفة المؤطرة للحركة والتي كان بعضها في تونس العاصمة لحضور لقاء تضامني (عدنان الحاجّي وعادل جيّار) ولقد أعقبت تلك المصادمات حملة اعتقالات ومداهمات طالت العديد من الشباب واستمرت حتّى الصباح.

2)الاثنين 7 أفريل بالرديف:

تمّ صباحا إيقاف عدنان الحاجّي وعادل جيّار وبوجمعة شرايطي أمام الاتحاد المحلّي للشغل وبعد الاعتداء عليهم بهمجية على عين المكان تمّ نقلهم إلى مقرّ شرطة المدينة وبحضور مسؤولين أمنيين جهويين كبار تواصل التنكيل بهم إلى أن نُقلوا إلى منطقة شرطة قفصة. كما تمّ بعد حوالي ساعة إيقاف الطيب بن عثمان في مدخل مقهى الاتحاد حيث نعرّض إلى ذات سيناريو سابقيه، وقد دفع هذا المنعرج المأساوي نقابات الجهة ونياباتها النقابية إلى إعلان الإضراب المفتوح من تلك اللحظة والذي شارك فيه عمّال شركة الفسفاط إضافة للمتاجر والمخابز، وإذا اختار المعلّمون والأساتذة الاعتصام بمدرسة النور حتّى المساء فإنّ الشبّان قد دخلوا في صدامات عنيفة مع شتّى التشكيلات الأمنية التي وصلت إلى المنطقة وطوّقتها، وقد استمرت تلك المصادمات إلى ساعة متأخّرة من الليل وأُستعملت فيها القنابل المسيلة للدموع بغزارة كما تضاعفت المداهمات الليلية بما يشملها من تعنيف واستفزاز ممّا حدا بالعشرات للاحتماء بالجبال القريبة في البرد والعراء.

3) الاثنين 7 أفريل بأم العرايس:

انطلقت الاحتجاجات منذ الصباح على خلفيّة رفض القرار بتشغيل قائمة الناجحين في مناظرة شركة الفسفاط التي كانت تسبّبت مباشرة في احتجاجات الحوض المنجمي حيث اعتصم العشرات من الشبّان رفقة أمهاتهم منذ الساعة السابعة صباحا أمام مقرّ إدارة شركة الفسفاط بعد أن طردوا نقابيي المنجم وأبنائهم "الناجحين" في المناظرة المذكورة، كما تجمّع المئات من الشبّان أمام مقرّ المعتمديّة والشرطة والحرس وأغلقوا الطريق الحزاميّة وعطّلوا حركة الإنتاج بمغسلة الفسفاط في الوقت الذي اعتصم فيه آخرون أمام دار التجمّع وعادت فيه الخيام إلى الانتصاب على سكك الحديد مانعة القطار من التحرّك، وبالتوازي مع ذلك اعتصم عمّال البلدية أمام المستودع البلدي عل خلفية عدم تسوية وضعياتهم المزرية.

ولقد حلّت تعزيزات أمنية مهولة بالمنطقة تولّت إزالة الخيام التي نصبت على سكك الحديد بالعنف وفكّ جملة الاعتصامات المذكورة معتدين على النساء والمعاقين ممّا أثار حفيظة الأهالي الذين دخلوا في صدامات عنيفة مع قوات البوليس التي استعملت خراطيم المياه الساخنة والقنابل المسيلة للدموع لتفريقهم وإيقاف مجموعة منهم، إلا أنّ مئات المواطنين حاصروا مركز شرطة المكان وفرضوا إطلاق سراح الشبان السبعة الموقوفين على الساعة الثامنة ليلا والذين تمّ نقلهم إلى المستشفى المحلّي مباشرة حيث قضّوا ليلة كاملة للتداوي من آثار التعذيب الفظيعة.

4) الثلاثاء 8 أفريل بالرديف:

تمّ صباحا إيقاف المناضل وعضو لجنة التفاوض المنبثقة عن الاحتجاجات بشير العبيدي أمام المدرسة بكلّ وحشيّة ونقله إلى مركز شرطة المدينة حيث تواصل نسق التنكيل به بحضور ومشاركة مدير إقليم شرطة قفصة سامي اليحياوي ورئيس الفرقة الثانية المختصّة بلقاسم الرابحي لينقل من هناك إلى منطقة شرطة قفصة في الوقت الذي شمل فيه الإضراب المفتوح كامل المدينة وحوّلها إلى منطقة أشباح تولّت التشكيلات الأمنية تجزئتها ومنع أيّ كان من الدخول وسطها، في الوقت الذي تنشّط في مداخل الأحياء والحارات صدامات عنيفة، كما واصل المعتصمون بمدرسة النور اعتصامهم لليوم الثاني على التوالي وسط محاصرة أمنية وتهديدات جدّية بالاعتداء عليهم. وقد أسفرت مداهمات بيوت الأهالي على إيقاف العشرات من الشبان الذين استعملت ضدّهم كلّ طرق الإذلال قبل نقلهم إلى منطقة الأمن بالمتلوي.

5) الأربعاء 9 أفريل بالرديف:

وسط حصار بوليسي شديد، وإضراب عام شمل كلّ نواحي الحياة انطلقت مئات النسوة في مسيرة حاشدة استقرت أمام معتمدية الرديف ليدخلن في اعتصام، رفعت فيه الشعارات المندّدة بالقمع والحصار والمنادية بإطلاق سراح المساجين، وانضمّ إليهن المئات من المعطّلين والنقابيين بالتوازي مع حضور وفد حقوقي ورابطي من القيروان والمنستير وجندوبة، قاده مسعود الرمضاني منسّق اللجنة الوطنية لمساندة أهالي الحوض المنجمي والذي وصل مصحوبا بوفد رابطي لنفطة وتوزر، وقد فوّض الأهالي هذا الوفد لمفاوضة معتمد الرديف، والذي إن قبل المقترح بداية الأمر، فإنه تراجع تحت تعليمات معلومة المصدر.

ولقد انطلقت مع الساعة الثالثة مساء مسيرة نسائيّة ثانية سارت في الطريق الرئيسي لمدّة زمنية هامّة،لكنّ قوات البوليس التي طوّقتها أجبرتها على التفرّق في الأنهج الفرعية.

وقد كان وفد من الحزب الديمقراطي التقدّمي من جهات قابس، قفصة، القصرين، و سيدي بوزيد قد وقع منعه من دخول مدينة الرديف عند مدخل أم العرايس، ممّا جعلهم يدخلون في اعتصام لعدّة ساعات وسط محاصرة من قبل قوات بوليسية كبيرة، بل إنّ قوات التدخّل منعتهم من استلام الماء والأكل الذي أُرسل إليهم، وقد تزامن هذا المنع مع منع آخر في نفس المكان والزمان لوفد ضمّ عمّار عمروسية وحسان بالناصر وغزالة محمّدي وعفاف بالناصر وحبيب التبّاسي.

ولقد شاع مساء الأربعاء خبر إمكانية إطلاق سراح جزء من الموقوفين حيث أحتشد ومنذ السادسة مساء الآلاف من الأهالي وسط المدينة وفي كلّ شوارعها لاستقبال الدفعة الأولى من الموقوفين، وقد دام ذلك حتّى الساعة الثالثة صباحا محتفلين بعودة المناضل عادل جيار والمناضل بوجمعة شريطي، والمناضل غانم شرايطي، والعشرات من المناضلين الشباب، إلا أنّ ذلك لم يمنع المواطنين من إطلاق الشعارات المنادية بإطلاق سراح بقية الموقوفين، والمندّدة بسياسة السجون والتعذيب...

6) الخميس 10 أفريل:

انطلقت منذ الصباح المسيرات الهائلة التي قصدت معتمدية الرديف، وسط إضراب عامّ شمل جميع مناحي الحياة، وطالبت هذه الجموع بـ:
- إطلاق سراح جميع الموقوفين دون قيد أو شرط.
- إجلاء جميع القوات الأمنيّة التي تُرابط بالمدينة وتُحاصرها.
- إيقاف قائمة التشغيل المشبوهة والتي كانت محلّ رفض وسخط الناس.
- التمسّك بلجنة التفاوض المنبثقة عن التحرّكات الاحتجاجية ومحورها الإتحاد المحلُي للشغل.

كما تواصل النجاح الساحق للإضراب المفتوح وكان وفد حقوقي متكوّن من الأساتذة رضا الردّاوي وعيّاشي الهمّامي وخالد الكريشي ومنذر الشارني قد زار المدينة والتقى بالمسرّحين الذين تحدّثوا عن أيام الإعتقال وما رافقها من تعذيب وترهيب.

وقد تأكد في المساء خبر إطلاق سراح بقية الموقفين إذ تقاطر العديد من النشطاء السياسيين والجمعياتيين والنقابيين لانتظار الموقوفين أمام منطقة شرطة قفصة، ولقد سُرّح الشبان أولا: عامر الجديدي، صادق رحيلي، فيصل النمسي، فيصل ذوادي، وتلاهم عدنان الحاجي والطيب بن عثمان وبشير العبيدي وسط الزغاريد، ولكنّ قبل ذلك بساعات عديدة خرج جميع سكّان الرديف نساء ورجالا، شبابا وشيبا إلى ساحات المدينة قلّ ما حدث في تاريخ المدينة إن لم يكن في تونس كلّها، لتغرق المدينة في أجواء احتفالية دُقّت فيها الطبول وأُشعلت الشماريخ وانطلقت الهتافات والزغاريد.

ويشار إلى أنّ أهالي مدينة أم العرايس كانوا قد اعترضوا موكب المسرّحين في طريقهم إلى الرديف بالترحاب والهتاف ورفع علامات النصر هاتفين بوحدة المصير بين الرديف وأم العرايس وبحياة المناضلين.

كان أول الواصلين إلى الرديف المناضل بشير العبيدي الذي خُصَّ باستقبال مشهود شدّد على نضاليته وصموده وفاخر بكفاحيته وصلابته.

وعند وصول عدنان حاجّي خُصّصت له سيّارة مكشوفة استغرق وصولها إلى وسط المدينة أكثر من ساعة ونصف، فقد أُحيطت بالسيول البشرية التي تدفقت من جميع أنحاء المدينة مُطلقة شتّى الشعارات والهتافات.

وفي نفس الموكب حلّ المناضل الطيب بن عثمان الذي بدت عليه آثار التعذيب بشكل مفزع، والذي لقي ترحابا منقطع النظير.

توجّه الموكب نحو الاتحاد المحلّي للشغل لتذبح الذبائح إكراما لسراح المناضلين، وقد ألقى عدنان الحاجّي كلمة على الحشود شكر فيها أهالي الرديف الصامدين وتضامنهم مع الموقوفين والذين لولاهم "لما أُطلق سراحنا"، مثلما شكر حركة المساندة جهويّا ووطنيّا ودوليّا، كما شدّد على ضرورة التفاوض الجادّ من أجل إيجاد الحلول الضرورية لمجمل المطالب المشروعة لأهالي الحوض المنجمي، وختم ناصحا بضرورة الانسحاب في هدوء وانضباط وإعطاء درس آخر في مدنيّة هذه الاحتجاجات وتحضّرها، عكس ما تروّج له أبواق الدعاية الرسمية، وفي تحدّ لكلّ الأعمال الاستفزازية التي فشلت أكثر من مرّة في زجّ الحركة في أُتون الفوضى والعنف الأعمى.

ولقد تواصل المهرجان الاحتفالي حتّى الساعة السادسة صباحا أين تفرّقت الجموع في هدوء تامّ وانضباط مسؤول.

7) الجمعة 11 أفريل الرديف:

صباحا زار المدينة وفد يتكوّن من حمّة الهمّامي، وعمّار عمروسية (حزب العمّال الشيوعي التونسي)، وراضية النصراوي (محامية ورئيسة الجمعيّة التونسية لمناهضة التعذيب)، وعبد الله قرّام النقابي المعروف، والتقوا بأغلب المسرّحين الذين أجمعوا على تعرّضهم إلى أشكال شتّى من التعذيب والتنكيل سواء في الشارع أمام الناس أو أثناء التوقيف، وهذا التعذيب بدا ظاهرا على أجسادهم.

8) السبت 12 أفريل:

عادت الاحتجاجات العارمة إلى مدينة الرديف وأم العرائس على خلفية زيارة الأمين العام للتجمع الدستوري الديمقراطي الهادي مهنّي، ففي أم العرايس لم يحضر بدار التجمع سوى العشرات رفع أغلبهم شعارات تنادي بالتشغيل، وتحتجّ على سياسة المماطلة والوعود الكاذبة، ولقد تناول أمامه المواطن جمال عيساوي مادّة سامّة (مبيد الجرذان) في محاولة للانتحار تنديدا بالإهمال الذي تلاقيه مطالبه بالعمل والعيش الكريم، وأمام حجم الرفض الذي قوبلت به زيارته القصيرة، غادر الأمين العامّ إلى الرديف إلا أنّ استقباله كان أسوأ.

إذ لم يحضر بمقرّ جامعة التجمع إلا نفر قليل في حين احتشد الآلاف خارجه مطالبين بالتشغيل ورافضين لسياسة التهميش والإقصاء، ليُجْبَرَ مرّة أخرى على الرجوع إلى لجنة التنسيق بقفصه خائبا، وقد شكّل ذلك استفزازا لعشرات الشبّان الغاضبين ليدخلوا في مصادمات عنيفة استعملت فيها القنابل المسيلة للدموع، وانتهت هذه المواجهات في ساعة متأخرة من الليل، وهو نفس السيناريو الذي عرفته أم العرايس ليلا، فبمجرّد شيوع شائعة وفاة جمال عيساوي حتّى نزل الآلف من الأهالي إلى شوارع المدينة هاتفين باسمه، ودخلوا في مواجهات حادّة مع مختلف التشكيلات الأمنية التي لم تفلح خراطيم مياهها الساخنة وكلابها في تفريق الحشود المحتجّة إلا مع الساعة الثالثة صباحا.

9) الأحد 13 أفريل:

تجدّدت ليلا بأم العرايس المواجهات في مستوى الأحياء ووسط المدينة فأُحرقت العجلات المطّاطيّة ورفعت شعارات:
- يا نظام يا جبان يا عميل الأمريكان.
- يا بوليس يا جبان أهبط واجه في الميدان
- يا نظام يا جبان الشعب لا يهان.

توجّه وفد من الحزب الديمقراطي التقدّمي وبعض الحقوقيين والنقابيين من نفطة وتوزر وأم العرايس نحو مدينة الرديف، لكنهم فوجؤوا بمنع بوليسي لدخول المدينة، وهو ما دعا إلى تدخّل المناضل بشير العبيدي الذي أمّن مرورهم رغم تعنّت البوليس، وقد تكوّن هذا الوفد من لطفي حمدة، الهادي حمدة، محمد بن عثمان، الناجي علوي،عبد القادر طبابي...

10) الاثنين 14 أفريل بأم العرايس:

لئن عاد الهدوء إلى المدينة فإنّ أعدادا كبيرة من التلاميذ وخاصّة من معهد الامتياز قد أضربوا عن الدراسة وخرجوا في مسيرة غاضبة، كما بدأت مجموعة من أرامل حوادث الشغل بشركة فسفاط قفصة اعتصاما أمام إدارة إقليم الشركة منادين بالتشغيل الفوري لأبنائهنّ.

وقد تجمّع بمنطقة أمّ القصاب الحدوديّة، التابعة لسيدي بوبكر من معتمديّة أم العرايس، عشرات الأهالي مطالبين بالاهتمام بجهتهم وبتشغيل أبنائهم.
المرجع : البديل عاجل نشرة 14/04/2008
يمكن ايضا مراجعة شريط الفيديو الذي كنت عرضت له في تدوينة سابقة يوثق اليوميات

هناك 3 تعليقات:

HNANI يقول...
أزال أحد مشرفي المدونة هذا التعليق.
HNANI يقول...

بالله نطلب السماح من كل من قري التعليق الأوّل راني إدخلت بعضي ... بعد ماقريت الأحداث الدمعة هبطت علي ولدنا جمال.. و راني فقت بالغلطة وقت مارجعت إنلوّج علي إسم الوليد جمال... المعذرة مرّة أخري و راني هازبة و ما نعرف آش نعمل.

غير معرف يقول...

rabbi m3ahom