الأربعاء، 24 سبتمبر 2008

في نقد "نقد خطاب الانترنت التونسي" ؟؟

اطلعت على مقال السيد عماد بن محمد المنشور على صفحات تونسنيوز يوم 24/09/2008 وساءني ان استمع الى خطاب في اللغة الخشبية حول واقع الانترنت التونسي ..فقد اعتبر صاحب المقال ".إن خروج الأنترنات عن السيطرة الرسمية للدول و الحكومات و اكتساحها للطبقات الشعبية جعل من أمر تعمية الحقيقة أو تزييفها أمرا صعبا بل مستحيلا في بعض الأحيان"فلا نعرف عن اية دول وحكومات يتحدث صاحب المقال ان كان يعني الحكومات في المطلق -وربما الغرب على وجه الخصوص - فهو يقول ما لايعني لان الغرب يمتلك مؤسسات مدنية مستقلة تمنع اصلا تعمية الحقيقة بل تفضح من يسعى لهذه التعمية حتى في تلك الدول التي لم تكن يوما مقياسا لهذه الموضوعية شأن ما نسمع عن محاكمة مسؤولين في اسرائيل او في الباكستان وحتى في جنوب افريقيا اخيرا التي استقال رئيسها درءا لفضيحة ليست ثابتة عليه.وان كان يعني الانترنت التونسي كما وضح في عنوان مقاله -وهو ما يقصده ربما- فتلك لعمري التعمية الحقيقية اذ نشهد بأن المستعملين للانترنت في تونس حسب تقارير رسمية لا تتجاوز نسبة 3 بالمائة وهي مازالت لم تبلغ بعد الطبقات الشعبية كما يقول اذ نعلم ان معلوم الربط بالانترنت مازال في تونس باهض الثمن بحيث يبقى حكرا على بعض النخبة .ثم اية حقيقة تتم تعميتها وهنا المغالطة الاكبر لذا سيتناقض في قوله حين نراه يستدرك "و لكن إفلات هذا الفضاء من كل القيود كان له آثار سلبية على قيمة المادة المنشورة. فبالإضافة إلى المواد التي لا تحترم العقل و الذوق و الأخلاق, و المواد التي تدعوا إلى قيم الشرّ عموما, فإن كثيرا من المواد المنشورة على هذه الشبكة الناشئة, لا تخرج عن كونها "بروبغندا" تحاول قتل الحقيقة. الحقيقة التي هي جوهر و رمز و القيمة الصميمية للأنترنات" فمن ناحية لم يعد بالامكان تعمية الحقيقة كما يقول ومن ناحية اخرى يعتبر ان المبحرين على شبكة الانترنت في تونس هم المسؤولون عن هذه التعمية ؟؟؟فأي حقيقة يتعامى هؤلاء عنها ؟؟؟هل تلك التي يراها المدون ويكتب عنها ام تلك التي تتحدث عنها وسائل الاعلام الرسمية .يواصل كاتب المقال توضيح هذه النقطة "و المتأمّل في بعض المواقع الإلكترونية التونسية يلاحظ أن النصوص المنشورة لا تخضع للتدقيق و لا الغربلة. فبالإضافة إلى الأخطاء اللّغوية فإن مضامين هذه النصوص تحوي في كثير من الأحيان على عديد من المغالطات و التزييف لكي يتحول الخطاب في هذه الفضاءات إلى خطاب خشبي مسطّح بعيد عن كل موضوعية و إنصاف. و تُخلط الكتابة العلمية المعقلنة فيها بالكتابة الإنطباعية المشوّشة. إن النصوص المنشورة لا تعدوا في كثير من الأحيان نتاج فكرة عابرة مرّت بذهن أحدهم أو تصفية حساب بين طرفين متخاصمين أو في أسوأ الحالات كونها لبعضهم " أكتب إذا أنا موجود"."وهنا تكمن في نظري المغالطة الكبرى والتعمية الحقيقية فصاحب المقال لم ينصف في نظري مستعملي الانترنت والمدونين خاصة ,فلنترك امر الاخطاء اللغوية لاصحابها ولأن مقال صاحبنا بدوره مليء بها ..فأية حقيقة غالط بها المدونون قراءهم ..هل حينما تحدثوا عن الفيضانات التي اغرقت العاصمة وصوروا بعض ضحاياه التي لم تشرفنا صحافتنا المكتوبة ولا تلفزتنا بالحديث عنها الا ببرنامج يتيم تحدث عن استبسال رجال الدفاع المدني والجيش في هذه الاحداث؟؟ام في تغطية احداث قفصة التي استمرت اكثر من 7 اشهر وراح ضحيتها شباب بين الموت والسجون ولن نسمع بمقال واحد عنهم حتى في جرائد المعارضة ولم تكلف التلفزة وزر تغطيتها وكشف الحقيقة للناس ؟؟؟ ام في حجب مواقع ومدونات لم يكن جرمها سوى فسح مجال اكبر لحرية التعبير التي يضمنها القانون التونسي. فلماذا تم حجب مدونة ضد الحجب اكثر من مرة؟ وحجب مدونات نقابية مثل المرصد النقابي وبطحاء محمد علي ؟؟وما هوجرم مدونة الناقد ؟ومدونة فردة ولقات اختها ؟هذا ان سلمنا جدلا ان حجب بعض المدونات الاخرى قد يكون لخطها السياسي الواضح شأن مدونة معز الجماعي او خالد الكريشي او زياد الهاني ؟؟؟
صحيح ان بعض التدوينات كانت مجرد خواطر لاصحابها وصحيح ان بعض التدوينات قد سقطت في خطا التعمية وهي المرة الوحيدة التي ساقت فيها بعض المدونات خبرا غير صحيح عن مقتل شاب في مدينة صفاقس قام صاحبها بالاعتذار وسحبها من مدونته والاعتراف بالخطا فضيلة ..وما الذي نخشاه من عرض موقع فايسبوك الذي اغلق واعيد بقرار رئاسي جريء وموقع دايليموشيون ويوتوب العالميين ...فالوكالة الوطنية للانترنت بامكانها حجب ما ترى له ضرورة للحجب وللتترك لنا الباقي ففيها ماهو مفيد من الناحية المهنية والعلمية والاقتصادية ...والا كيف سنعمل على ردم الهوة الرقمية بيننا وبين الغرب؟؟؟
اما ان تتهم مستعملي الانترنت في تونس بامراض انفصام الشخصية وازدواجيتها فذلك هو العجب العجاب ؟؟؟يقول صاحب المقال :"
و للأسف أن يتحوّل الأنترنات عند بعضهم بوتقة أو مفرّا من عالم الواقع و العالم المحسوس ليعيش الفرد في عالم إفتراضي مع أفراد إفتراضيين و ما في ذلك من من سهولة التعرّض إلى أمراض نفسية كإنفصام الشخصية و إزدواجها و غيرهما "فذلك لا يعني من زاوية التحليل النفسي لفرويد سوى "اسقاط " والاسقاط من المنظور الفرويدي هو آلية دفاعية للأنا
تتحصن بها ضد اللاشعور ومعناه اسقاط الرغبات المكبوتة والصاقها بالاخرين في محاولة التملص منها .فالذي يتهم غيره بالكذب مثلا عند فرويد هو كاذب ومن يرمي الاخرين بالجبن يتصف به وهكذا ....
صحيح هناك من له صفة سياسية وهناك من له اسما مستعارا ولكن هذا ليس دليلا على التعمية التي تتحدث عنها ..فهناك ايضا من يطلق على نفسه اسما ولقبا لا تعنيه حقيقة وهناك من من السياسيين كتبوا وعلقوا لهؤلاء بكل شفافية كما فعل السيد احمد نظيف في احدى المدونات المصرية ..وكانت بادرة باركها الكل .فالاسم المستعار او الصفة السياسية شأن شخصي شرط ان لا يخل بميثاق الشرف لمستعمل الانترنت ..واظن ان التدوين التونسي ما عدى بعض الاستثناءات يظل تجربة رائدة رغم جنينيتها من حيث الروح الجماعية التي عرفها هذا الفضاء بين اناس افتراضيين فعلا التقوا بكل عفوية في مناسبات هامة حيث غابت عن الاحداث الصحافة الرسمية ...وهنا كان التدوين بديلا اعلاميا حقيقيا رغم كل الصعوبات والعراقيل التي وضعتها الوكالة الوطنية للانترنت او ابنتها الشرعية الوكالة الوطنية للسلامة المعلوماتية .
والقول بأن هؤلاء يتحصنون خارج الحدود مبالغ فيه اذ ان اغلب الذين يكتبون من جملة المدونين التونسيين - من 600 مدونة تقريبا- اكثر من 2/3 يعيشون في الداخل ويطرحون مشاغل الشارع بعيون محايدة بعيدا عن التعمية وان كانت باسلوب بسيط وبلهجة دارجة في احيان كثيرة .
في الاخير انا مع ما طرحته في اخر مقالك عن حق الاختلاف دون اي مصادرة على المطلوب ودون اقصاء ولكن ان نسمي الاشياء باسمائها -دون وضع "خطوط حمراء او خانات سوداء"- فليس من الانصاف ان نصمت مثلا عن ما جرى في فيضانات العاصمة لنهتم بفيضانات غواتيمالا او اعصار امريكا الذي قتل عددا من الابقار لبعض مربي الماشية ؟؟؟؟؟

هناك 3 تعليقات:

brastos يقول...

مقالك هايل يا ابو ناظم

حبيت نخلّي تعليق .. ياخي جا طويل برشه .. ولّيت فضّلت انّو يكون موضوع تدوينه .. لحث الفضاء المدوناتي على استنهاض مناعتو الدفاعية ضد هالمتنلق و امثالو

abunadem marzouki يقول...

مرحبا بيك براستوس
لنتكاتف ضد فقمات عمار

taha يقول...

رد أسعدني وأفحم صاحب المقال...ونتذكر قول المتنبي:
وإذا أتتك مذمتي من ناقص *** ‏فهي الشهادة لي‏ بأني كامل